من وحي زيارة صديقي العزيز إلى قريتنا الجميلة عدن ..
بقلم: د. سعيد سالم الحرباجي
جمعتني الأقدار بصديق عزيز من إحدى المحافظات النائية أثناء زيارته هذه الأيام لمحافظة عدن ...
فتعانقنا عناقاً حاراً لكوننا لم نلتق لأكثر من عشرين عاماً ، فتبادلنا التحايا ، وسأل كل منا عن الآخر ...
ثم قلت له حللت أهلاً ، ووطِئت سهلاً ... أهلاً بك في مدينة عدن الباسلة ، عدن الجميلة ، عدن الرائعة ، عدن عروس البحر ...
فبينما كنت مسترسلاً في والوصف ، والإطراء.. إذا به يضع يده على فيَّ ليَسْكِتُني...
حاولت نزع يده لكنه كان متشبثاً بها ..
وبالكاد نزع يده ، ثم قلت له : خيراً خيراً ماذا جرى لك ؟
قال لقد أغاضني ما سمعت .
قلت له ولماذا ؟
قال كااااااانت مدينة عدن جميلة...
أمَّا اليوم فلم تعد كذلك .
ثم أردف قائلاً :
كان سبب زيارتي حضور دورة تدريبية... فأول ما وصلت عدن .. أهالني ما رأيت ، وأحزنني ما أشاهد ، وأفزعني ما تُبصر عيناي .
ثم تحدث بنبرة حزينة ، ونظرة كئيبة ، وصوت مبحوح فقال :
أجتمعنا يوم أمس في إحدى القاعات الفخمة ونحن من جميع المحافظات المحررة ...
فبينما ساد الصمت ، وشرع المدرب يتهيأ لبدأ العملية التدريبية ..
أفتتح الدورة بالتحية ، والترحيب ، ثم استرسل في وصف مدينة عدن ، وتمنى للجميع طيب الإقامة ...
فبينما هو كذلك قاطعه أحد المشاركين - دون أن يستأذن - فقال :
معذرة دكتورنا العزيز لقد أخطأت الوصف...
نحن أتينا من المدينة إلى القرية ، نحن هنا في قرية !!
صمت المدرب برهة من الزمن ، وأطرق رأسه إلى الأرض ، وصمت الجميع ، وبالكاد استجمع المدرب قواه فحاول أن يكتم تلك الطعنة النجلاء ، ثم قال للمتحدث: نعم ، نعم لقد صدقت ، ولكن ستبقى عدن عروس البحر ، وسيُعاد لها بريقُها ، وألقها ، ونورقها ، ومكانتها .
تلك هي حقيقة عدن اليوم ،وهذا هو واقع حالها ...إنها { جوهرة بيد فحام } .
الذي لا أفهمه حتى اللحظة ..
لماذا يُعاقب أهل عدن البسطاء بهذه الطريقة البشعة ؟
أين دور المحافظ حيال كل هذه المآسي التي يتجرعها المواطن في عدن ؟
أين إيرادات المحافظة ؟
لماذا لا يتقدم المحافظ بمبادرات آنية مستعجلة أسوة ببقية المحافظات لإبقاء الخدمات في حدها الأدنى ؟
لماذا هذا الصمت المخزي للأخ وزير الدولة محافظ محافظة عدن ؟
ماذا تبقى له من اسم المسؤولية ؟
لماذا لا يخرج للمواطنين ليتحدث إليهم ؟
هل تعلم محافظنا العزيز أنَّ التعليم متوقف في عدن لأكثر من ثلاثة أشهر ؟
بينما تقدم محافظو بعض
المحافظات بمبادرات لإنقاذ
التعليم ، واستمرار التعلم .
وأنت وكأنك من كوكب آخر غير مبالِِ بما يجري في عدن !!!
ما هذا الهُراء ؟
ما هذا العجز ؟
اليوم بصيص الكهرباء الذي كان يتحصل عليها المواطن قُطِعَ تماماً ، والماء كذلك .
أمَّا بقية الخدمات فقد نسيها المواطن العدني !!
أنت محافظنا العزيز..... المسؤول الأول أمام الله عن كل دمعة تسيل من عين مظلوم ، أنت محاسب على كل أنة تعتلج في نفس حزين ، أنت المتسبب في كل لعنة تطالك من دعاء مكلوم .
كم أتمنى أن يصحو ضميرك ، وأن تعود إلى رشدك ، وأن تنهض من غفوتك ، وأن تسمع صوت الشعب .
بادر اليوم قبل الغد ...
لوضع معالجات سريعة لأنقاذ أهم الخدمات والتي تأتي في مقدمتها ( التعليم ، والكهرباء ، والمياه) .
وإذا صدقت النوايا...سيوفقك الله لما فيه الخير.