الجنوب.. تحديات اقتصادية واحتجاجات شعبية في وجه الحكومة
يمر الجنوب اليوم بأصعب مرحلة وأكثرها تعقيدا منذ إجتياح مليشيات الحوثي للجنوب في مارس 2015م، حيث تعصف به أسوأ أزمة إقتصادية عرفها تاريخ الجنوب الحديث إذ واصلت العملة المحلية إنهيارها المتسارع والمخيف أمام العملات الأجنبية مسببة إرتفاع جنوني في أسعار المواد الغذائية والسلع الإستهلاكية مع إنقطاع تام للكهرباء والمياه وتردي في الخدمات العامة . مما دفع بالمواطن البسيط إلى رفض هذا الواقع الأليم بعد أن عجز عن مجاراته.
حاليا المواطن ليس بيده غير الاحتجاج وايصال صوته لأصحاب العقد والحل.
وإذا لم تحدث استجابة قد تخرج الأمور عن نطاق السيطرة.
الموقف حرج وصعب جدا على المواطن اقتصاديا وعلى القيادة سياسيا.
ينكوي المواطن بحرب الخدمات وإرتفاع الأسعار إلى الحد الذي نفذ معه صبر المواطن وعدم قدرته على احتمال مزيد من الأعباء رغم انه يعيش تحت خط الفقر بعدة درجات بل بالكاد يبقى على قيد الحياة ليس من اليوم بل من عدة سنوات وهو يردد ( سنعطي للصبر مداه) ويمني النفس لعل وعسى لكن دون فائدة تذكر فجلاديه يمعنون ويتفننون في تعذيبه وإستغلال قلة حيلته.
مطالب المواطنون كانت واضحة وأهمها إنزال سعر الصرف واستقرار أسعار المواد الغذائية واستمرار صرف الرواتب بوقتها مع تسوية الرواتب بحسب متطلبات الحياة بالأضافة إلى محاسبة الفاسدين.
يبقى الحل بيد القيادة السياسية في المجلس الإنتقالي الجنوبي ممثل شعب الجنوب وحامل قضيته وللأسف الخيارات المتاحة قليلة جدا ;
إما تجاهل مطالب الشارع وهذا يعد انتحار سياسي وفقدان للحاضنة إذا قد تتحول الاحتجاجات إلى مواجهة مباشرة مع القوات الامنية بحيث يمكن استغلالها من طرف ثالث لتأجيج وتأزيم الأوضاع للنيل من المجلس الانتقالي، ولايخفى على الجميع المحاولات المتكررة لتحجيم وإحراق المجلس سواء من القوى اليمنية أو من المملكة وهذا ما ظهر جليا من خلال تبني قنوات الحوثي والاخوان للتغطية الاعلامية للاحتجاجات والتحريض عليها . ولا ننسى أن الحرب على طول حدود الجنوب مازالت تدور رحاها والعدو يتربص بنا ولن يترك فرصة دون أن يستغلها خصوصا مع مواقف الزبيدي التي تدعو المجتمع الدولي للقضاء على المليشيات بأعتبارها تشكل خطرا دوليا على خطوط الملاحة.
وإما الانسحاب من الحكومة وإعلان إدارة ذاتية وهذا سيتسبب بمشاكل كبيرة مع التحالف والرباعية الدولية كما حصل في فترة سابقة وقد يؤدي إلى عواقب وخيمة وخسارة مكاسب حققتها قضية شعب الجنوب.
خصوصا ان الجنوبيين لا يستندون إلى موقف واضح من الدول الكبرى في حال قرر الجنوب إدارة نفسه والتحكم بموارده.
الخيار الأخير وهو الأرجح إستغلال الشارع للضغط على التحالف والحكومة لتحسين الأوضاع والتلويح بالانسحاب من الحكومة وإلغاء كل الاتفاقيات السابقة، مع الحفاظ على شعرة معاوية بين الانتقالي والتحالف على الأقل حتى الحصول على ضمانات لحل قضية شعب الجنوب من دول لها وزنها على الساحة حتى يتجنب الانتقالي ماعمله البيض في توقيع وثيقة العهد والاتفاق بضمانات دولة لا تمتلك حتى أمر نفسها فما بالك بألزام غيرها.
الجميع يعلم علم اليقين ان السبب الرئيسي في تدهور الأوضاع يقف خلفه التحالف وبالاخص الشقيقة الكبرى بهدف الضغط على المجلس الانتقالي الجنوبي للحصول على تنازلات ترضي غرور السيد شمالا وتعمل على تأمين نفسها من شره وعلى رأسها ملف النفط الذي يطالب فيه الحوثي بالحصول على 85٪ من عائداته بالأضافة إلى ملف الرواتب للموظفين في مناطق سيطرة المليشيات وهو الأمر الذي يرفضه الزبيدي ويصر على أن ثروات الجنوب لأبناءه ولا يمكن التفريط بها.