الأرنب الغبي

عرفت الأرنب من قديم الأزمان بضعفها ، وغبائها ، لكن الجميل فيها أنها لم تكن مؤذية ؛ إذ تعيش في البراري ، تختفي في النهار ، وتخرج ليلا للبحث عن قوتها ، ومايسد رمقها ، تقتات من الأشجار الصغيرة المعشبة لاسيما في مواسم الأمطار ، أما في زمن الجدب والقحط ، وبخل السماء ، فإنها تعمد إلى التسلل في الليل نحو الأراضي المزروعة بوساطة الآبار الارتوازية ومضخات الري ، لكنها لاتسرف في قضم المزروعات ، بل تكتفي بملء بطنها دون ضرر كبير يلحق بالمزارع .

وفي ذات يوم جاء الثعلب المعروف بمكره وخداعه ، وطلب من الأرنب أن ترتقي بنفسها عن تلك الحياة البسيطة ، وتعمد إلى منزلة الكبار في عالم الحيوان ، قال الأرنب : وكيف يكون لي ذلك وأنا متواضع العقل ، ساذج التفكير ، ضعيف البنية ؟ قال الثعلب : كلا أيها الأرنب الوديع ، أنت لديك جيش كبير من الأرانب ، تنفذ توجيهاتك بكل غباء دون أن تسأل أو تناقش ، ولديك مساحة جغرافية واسعة ، مازالت بكرا ، لم يهيمن عليها أحد من البشر العابثين ، ولم تصلها أيدي الزراع والحارثين .

قال الأرنب : كل ذلك صحيح ، لكن كيف أفيد منه وأنا لا أملك موروثا في هذا الجانب ؛ فالسلطة لها أهلها ، والقيادة يخبرها أربابها ؟ قال الثعلب : أيها الأرنب الوديع !  إن الذي في أرضك من الكنوز والخيرات ، وفي بحارك من الممرات يجعل الكثير من قراصنة العالم يسعى من أجل لقاك ، ويتمنى أن يظفر برضاك ، وأنا من سيعمل للتقريب بينكما ، وتذليل العقبات وكل الصعاب .

قال الأرنب : إن كان الأمر كذلك ، فلنبدأ على بركة الله ... انتظرونا أيها الأحبة لاستكمال الحكاية في السردية القادمة