شحنة الدقيق الفاسد.. محاولات مصرّة لإغراق السوق
بقلم: عبدالحكيم عبيد
منذ حوالي اسبوع استيقظ الراي العام على خبر شحنة دقيق فاسدة ظلت تتنقل بين الموانيء حتى تم تحويلها اخيرا لميناء عدن وهو ما عرضها للتلف في البحر بسبب التسوس والحشرات والمياه المالحة خصوصا وان السفينة التي كانت تحملها متهالكة مما فاقم من المشكلة بحسب مذكرة صادرة عن المواصفات والمقاييس ومذكرة اخرى مرفقة بتقرير من الهيئة لنيابة الصناعة والتجارة التي فتحت تحقيقا في الامر.
خلال الايام الاربعة الاولى سارت الامور بشكل ايجابي من حيث اجراءات الفحص والحجز والتحقيق في الموضوع من قبل وكيلة النيابة بوزارة الصناعة والتجارة التي طلبت من المواصفات والمقاييس تقريرا عن الشحنه، وهو التقرير الذي رفعته الهيئة لوكيلة النيابة وأكدت فيه فساد الشحنة وخطورة ادخالها للسوق على المستهلكين، مايعني ان المفترض في الامر صدور قرار من النيابة باتلاف الشحنة وفقا للقانون كما يتم عادة في مثل هذه الشحنات المخالفة للمواصفات.
لكن ما حدث ان النيابة لم تتخذ حتى الان اي اجراء بل بدا الترويج الاعلامي للشحنة انها صالحة وذات جودة عالية وبسعر زهيد على الرغم من الصور ومقاطع الفيديو التي تداولها الاعلام واظهرت وضع الدقيق وحالته بما يؤكد صحة تقرير المواصفات، وهو امر ليس له اي تفسير سوى تاكيد ما تناقله الاعلام عن وجود ضغوط على المواصفات لتغيير تقريرها والسماح بدخول الشحنة.
لا اشكك بنزاهة واجراءات نيابة الصناعة والتجارة التي هي المعنية قانونا بالامر لكن فتح تحقيق في الامر وطلب اعادة فحص الشحنة بعد تقرير المواصفات والمقاييس بصفتها الجهة الفنية المعنية بالامر وادخال جهات اخرى لاول مرة في هكذا قضايا كل ذلك خلاف الاجراءات المتبعة في التعامل مع الشحنات الفاسدة والمخالفة للمواصفات وبالتالي يمكن اعتباره سابقة في التعامل مع هكذا قضايا كان تدخل النيابة فيها اجرائيا وقانونيا بناء على تقرير وتوصية المواصفات والمقاييس كجهة فنية مختصة.
فما الذي تغير في هذه الشحنة.؟
ولماذا لم تبت النيابة بشانها رغم تقارير المواصفات حتى الان؟، ولماذا المماطلة في موضوع صار راي عام وقبل ذلك ينطوي على خطورة عالبة تمس حياة المواطنين؟.
وهل لكل هذا التعقيد والتطويل والتحايل على تقرير المواصفات والمقاييس صلة بما تروج له بعض الاقلام عن صلاحية الشحنة وانها ذات جودة عالية وسعرها زهيد؟، وهل يعقل ان ملايين المستهلكين لم يكونوا يعرفون شيئا عن منتج اساسي للحياة بجودة خارقة وسعر زهيد رغم انه موجود مسبقا؟ ولماذا لم يتحدث احد عن جودته وسعره الا بعد اان فاحت رائحة الشحنة الفاسدة؟.
قليلا من النزاهة والمسئولية واحترام حياة الناس؟، وقليلا من احترام عقولنا فليس الناس سذج ومغفلون لهذا الحد حتى تنطلي عليهم مثل هذه الالاعيب؟، تريدون ادخال الشحنة ادخلوها ولكن تحملوا مسئوليتكم؟ ولكم ايضا ان تتبجحوا بسلطتكك وفسادكم لكن لا تسفهوا احلامنا.؟ فسياتي اليوم الذي يلقي الشعب المطحون بكم وبفسادكم إلى مزبلة التاريخ ويحاسبكم ويقتص منكم على خيانتكم له ولمسئوليتكم.