المهرج والغرلا
كان ياماكان في زمن من الأزمان ، كثر فيه الكذب في القول والمقال ، وتغيرت الأحوال ، وتشوه المآل ، فكثر المهرجون ، واختفى المحترمون ، تربع العروش الأقزام ، وتطاول الحقراء اللئام ، جلس على كراسي الحكم الحيوان ، وأشباهه ممن يقبلون الذل ويستلذون الهوان .
سيطرت امبراطورية الغرلا على أرجاء الكون ، وأصبح يطلب منها المأزومون المدد والعون ، وفي ذات يوم أمرت امبراطورية الغرلا استخباراتها وعملاءها في بلد من البلدان أن يغيروا النظام ، ويرفعوا مهرجا إلى كرسي الحكم ويمسك بالزمام ، ثم أمرت ذلك المهرج بأن يبدأ القيام بالهجوم على مملكة الدببة ، وتكفلت هي بدعمه حتى يسحق مملكة الدببة ، وتصبح أثرا بعد عين ، عند ذلك سيصبح في التهريج معلما ، ومن قصر الغرلا خادما مقربا .
مرت السنون ، والمهرج يتصرف بجنون ، ويدفع بشعبه لحتف المنون ، لكن جيش الدببة كان أشد وأعتى ، وعتاده أكثر وأقوى ، وهنا أدركت الغرلا أن انتصار المهرج أضحى مستحيلا ، والرحل على ظهرها قد بات ثقيلا ، فأمرت المهرج أن يوقف الحرب ، ويتنازل عما خسر من الأرض ، لكن المهرج لم ينفذ التوجيهات ، وتحدث إلى الأغبياء والمغفلين من حوله بأن الغرلا جسمها كبير ، لكن عقلها صغير ، وتفكيرها قصير ؛ لذلك ليس من الصعب إذا ما التقى بها أن يقنعها باستمرار الحرب ، ومواصلة الدعم .
التقى المهرج بالغرلا ، لكن الأخير كان قد ضاق بها الحال ، فلم تعد تقبل من المهرج مزيدا من التهريج ، فهي تقرأ الأمور قراءة اقتصادية ، لايشوبها شيء من الأوهام أو الأكاذيب ، الأمر الذي جعل صوت الغرلا يرتفع ، ويدها نحو وجه المهرج تنبسط ، ماجعل الغرلا تأمر المهرج بسرعة المغادرة ، والكف عن الكذب والمكابرة ، عند ذلك فقط أدرك المهرج أن مستقبله يكمن في التهريج وحسب ، وأنه قد وجب عليه سرعة التوجه نحو التمثيل ومسارح الصغار ، وأن ليس له مكانا بين أمثال الغرلا من الحيوانات الكبار .