«بن بريك».. حالة استثناء !
في صباح أحد أيام شهر رمضان وبالتحديد يوم الأربعاء السابع من يونيو 2017م ، اتصل بي الزميل المصور الفوتوغرافي خالد بن عاقلة - كالعادة- يبلغني ان بدالة «بيت المحافظ» طلبوا حضورنا مع المصور التلفزيوني شكري عيبان الساعة الثامنة صباحًا ،إلى بيت محافظ حضرموت، بناء على طلب المحافظ - حينها - اللواء أحمد سعيد بن بريك، حيث لديه نزولًا ميدانيًا ، وكنا - يومئذ - الثلاثة الفريق الإعلامي الرسمي للمحافظ؛ من غير مرافقي شلة السوء من جلساء القصر ، ولأننا في رمضان حيث تكون حركة سيارات الأجرة في المكلا في مثل هذه الساعة من أوقات صباح رمضان شحيحة أن لم تكن معدومة ، فاعتذرت للزميل بن عاقله عن المجئ، لاعتقادي اليقين بأن المحافظ لازال مسافرًا في الإمارات ، لكنه عاود الاتصال مجددًا ليؤكد ضرورة حضورنا وانه سيأتي بنفسه وبسيارته الخاصة لياخذني من بيتي في أطراف المدينة إلى بيت المحافظ، وقد كان.. وبالفعل وصلنا في نفس الموعد، وإذ باللواء بن بريك - بشحمه ولحمه - امامنا في باحة القصر لابس البزة العسكرية - لأول مرة منذ أن تولى قيادة المحافظة ، والنظارة السوداء - وبسرعة البرق انطلق موكبه صوب مستشفى هيئة أبن سينأ - من غير موعد أو ترتيب مع إدارة المستشفى - على ما بدأ لي- فلمس واقع الحال - كما هو، وعلى علاته - واستمع لشهادات المرضى ومرافقيهم، ثم زار - على الطريق - مكتب الضرائب ، وأعقبها زيارة لإذاعة المكلا التي وصلها مع بداية بثها الإذاعي وكانت في استقباله - يومها - مديرة الإذاعة الأستاذة القديرة أفراح محمد، وكأن هناك ترتيبًا لإجراء مقابلة إذاعية أو إلقاء كلمة للمواطنين بمناسبة شهر رمضان، لكن من غير تهيئة مسبقة وإستعداد كاف في إعداد الاسئلة وإدارة الحوار تبادر ذلك لى من ارتباك المذيع الذي احضر لاجراء المقابلة وكان حينها الزميل الاعلامي «محمد قاسم المفلحي» رحمة الله عليه ، ولكن اللواء بن بريك - بخفة دمه، و روح الدعابة التي يتمتع بها - كسر حواجز ارتباك وتلكؤ المذيع قاسم - قائلًا له : يالله ابدأ.. ففتح المايك و استرسل اللواء بن بريك في الحديث بالتهنئة بشهر رمضان ثم عرج حول زيارته للإمارات التي عاد منها في اليوم السابق كاشفا لأول مرة الترتيبات لأعلان تشكيل كيان سياسي في الجنوب ، كان يتنقل من موضوع لآخر..
يسأل ثم يجاوب إلى أن توقف عند القضايا التي تؤرق السلطة المحلية وعلاقتها بالسلطة العليا في المركز، وعدم ايفاء الأخيرة بالالتزامات والحقوق تجاه حضرموت، صاب جم غضبه على ممارسات التجاهل والحصار في كل شيء ، مهددًا بنقل الشكوى إلى «الأمم المتحدة» و «اللجنة الرباعية»! ..
كنت داخل الاستديو استمع لحديث «المحافظ بن بريك» ، وما اتسم به من انفعال، و نبرة زعل على المركز، كان «يزقل» بين حين وآخر «الأرقام» ، لكي يوصل فكرته، ويتوقف عند بعض النقاط، مفصلًا : «صح نحن الحضارم طيبين ومسالمين ، لكن لا يعني أن السابقين كانوا يسرقونا ويأتي التاليين يقولك هولاء سترة قصيرة با نقفزها»، أو قوله « هذا كلام لن يمشي و لا يمكن أن نسمح به» ، وقرب الصورة أكثر : «نقول لهم هاتوا السيمان حقنا» .. حتي وصل إلى التهديد بتقفيل الـ «البزبوز» ..
يومها أعددت إلى جانب الخبر الرسمي- مادة «خاصة» نشرتها في عدد من المنصات والمواقع الإعلامية ، وجاءت ردود الأفعال سريعة - مؤيدة وناقدة -، حتى أن أحد المواقع اليمنية وصف حديث «بن بريك» بـ «انقلاب جديد» ..
و لا يخفى عليكم أن رضاء واستحسان كبيرين حظي به حديث اللواء بن بريك - خصوصًا - بين الأوساط الشعبية والنخب المجتمعية في حضرموت ، إذ أن المزاج الشعبي العام فيها يستحسن تقفيل الـ «بزبوز» ، أي إغلاق كاك انبوب النفط الخام المتدفق من حقول المسيلة إلى ميناء الضبة في بحر العرب ، سيما أنه ترسخ لدى الحضارم قناعة بأن هذه الثروة تهدر أمامهم دون أن يستفيدوا منها أو تصنع فارق في معيشتهم، ودون ان يكون لعوائدها نفع أو أي أثر على الإنسان والمنطقة، سوى «الدخان» و«الأمراض» .
أقول قولي هذا مع الدعاء للواء أحمد بن بريك في هذه الأيام المباركة بأن يلبسه ثوب الصحة والعافية وطول العمر ، فقد كان و لازال في قيادته لسلطة حضرموت، حالة استثنائية من القوة والشجاعة والتسامح.