الزبيدي.. المتجول بين الجغرافيا والسياسة جنوبا
عندما يتحرك الرئيس القائد عيدروس الزبيدي بين المحافظات الجنوبية، تتزاحم الأسئلة أكثر من المصفحات في موكبه.
هل هي تحركات فردية نابعة من حس القائد الواثق من قدراته، الذي يعرف تماما أن الأرض لمن يطأها؟ أم أنها جولات بتأشيرة دولية مدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات، وممهورة بموافقة القوى الكبرى كأمريكا وبريطانيا؟
ولكن السؤال الأهم، لماذا لم يُمنح رئيس مجلس القيادة رشاد العليمي هذه الحظوة؟ لماذا لم يُكلف بجولات مماثلة في المحافظات المحررة؟ أليس هو رأس الشرعية؟ أم أن الثقة الدولية والإقليمية وجدت أن العليمي مجرد رئيس نظري، بينما الزبيدي هو القائد التنفيذي على الأرض؟
هنا مربط الفرس.. الشرعية في اليمن لم تعد مجرد أختام رسمية أو قرارات جمهورية تخرج من أدراج جبل معاشيق ، بل تحولت إلى مفهوم آخر، مفهوم يرتبط بمن يسيطر فعليًا، بمن يتحرك دون اعتراض، بمن يفتح الأبواب المغلقة ويجوب المحافظات دون أن يُجبر على الاختباء في زوايا المقرات المحصنة على سطح ذاك الجبل.
أما الذين يرون في زيارة الزبيدي للمهرة استفزازًا، فليخبرونا: استفزاز لمن بالضبط؟ لأهل المهرة الجنوبيين، أم للحوثيين الذين لطالما اعتبروها بوابة خلفية للتمدد والتهريب؟ الحقيقة أن المهرة كانت وستظل جزءًا من الجغرافيا الجنوبية، ومن يرى في زيارة الزبيدي استفزازًا، فعليه أن يسأل نفسه لماذا لم يكن منزعجًا من تسلل الأجندات الخارجية التي حاولت تحويلها إلى خاصرة رخوة؟
السؤال الأكثر إحراجًا لخصوم المجلس الانتقالي هو: ماذا لو سقط الانتقالي وسقطت معه قواته؟ هل ستبقى هناك شرعية أخرى غير شرعية الحوثي؟ أم أن الجنوب سيُترك نهبًا للفوضى؟ الحقيقة أن الانتقالي أصبح حائط الصد الأخير، شئنا أم أبينا، والتعامل معه لا يتم بناءً على الأماني، بل بناءً على واقع فرض نفسه بالسلاح والسياسة.
يبقى التساؤل الأخير: هل التحالف العربي يسمح للانتقالي بالتوسع في شبوة والمهرة وحضرموت في هذا التوقيت بالذات، خصوصًا بعد تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية؟ ربما لا يحتاج الأمر إلى كثير من التحليل، فالتحالف العربي يدرك أن الزبيدي ليس مجرد زائر عابر، بل هو رجل المرحلة جنوبًا، والرهان عليه بات أوضح من أن يُنكر.
أما الشرعية التي يمثلها العليمي، فما الذي تبقى لها على الأرض والسيادة؟ لا قرار مستقل، ولا نفوذ على الأرض، ولا حتى احترام من القوى التي دعمتها يومًا. فحين تضع التحالفات الإقليمية ثقتها في الزبيدي، فهذا ليس تفضيلًا شخصيًا، بل استجابة لمعطيات الواقع، من يملك الأرض، يملك القرار.
والباقيات الصالحات