غزوة بدر وحضرموت: دروس الأحرار في مواجهة الظلم والاستبداد

في يوم الجمعة، السابع عشر من شهر رمضان المبارك، بعد عامين من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقعت غزوة بدر الكبرى، تلك الغزوة التي سطرت بدماء الأحرار ودموع الأبطال أسمى معاني الشجاعة و التضحية. 
إن هذا اليوم لم يكن مجرد حدث تاريخي، بل كان لحظة فارقة في مسيرة الأمة الإسلامية، حيث انتصر الحق على الباطل، وارتفعت رايات الحرية والانتصار في وجه الظلم والطغيان. و تزامنا مع هذه  الذكرى العظيمة، نسطر هذا المقال و عسى أن يستفيق أبناء حضرموت من غفلتهم، فيستلهموا من هذه الغزوة الخالدة دروسًا عظيمة في صراعهم المستمر ضد الاستبداد، ويستحضروا فيها معاني النضال من أجل رفع الظلم عن أرضهم و بلادهم فنقول وبالله التوفيق .
سيظل انتصار المسلمين في غزوة بدر منارةً تهدي الأحرار، ومصدر إلهام لكل نفس تواقةٍ إلى التحرر من ربقة الذل والاستعباد، ولمن ينشد الخلاص من قيود القهر والاستبداد. لقد رسخت غزوة بدر حقيقةً أزليةً بأن النصر لا يُقاس بكثرة العدد ولا بوفرة العتاد، وإنما يتحقق بعدالة القضية، وبالإيمان العميق بها ، والتوكل على الله اولا واخرا، ووحدة الصف، وحكمة القائد، وإخلاص الجنود، واستعدادهم لبذل أرواحهم رخيصةً في سبيل مبادئهم السامية.
وهذا هو الدرس الأبرز الذي يجب أن يستلهمه المؤمن من تلك الملحمة الكبرى؛ فإذا أسقطنا هذا المشهد المضيء على واقعنا اليوم، نجد أن الحال في حضرموت لا يختلف كثيرًا عمّا كان عليه المسلمون قبل بدر في ناحية من النواحي ، إذ يعاني الحضارم من نهب ثرواتهم، وتهميشهم، وإذلالهم، ومحاربتهم في لقمة عيشهم، وحرمانهم من الخدمات الأساسية من كهرباءٍ وصحةٍ وتعليم وغيره من ظلم ليس ببعيد عن ما كان يعانيه المسلمين في مكة من كفار قريش ، إذ الاعتداء على المال والأرض والظلم والاضطهاد ، والأسوأ من ذلك  أن هذه المظالم الذي يعاني منها الحضارم تُرتكب بأيدي من أبناء جلدتنا وأخوة لنا في الدين والعقيدة والمصير المشترك.
ولذا فإن أراد الحضارم أن يحققوا النصر على عدوهم ورفع الظلم عن كاهلهم فعليهم أن يسيروا على خطى الرسول ﷺ في بدر في مقارعته للظلم والطغيان ، فيتسلحوا بالتوكل  على الله والاستعانة به ، والدعاء والتضرع إليه، والإيمان العميق بعدالة قضيتهم، والبحث عن القيادة الحكيمة والأمينة التي ترفع راية العدل والمساوة، ثم يلتف حولها كل أبناء حضرموت في الداخل والخارج صفًا واحدًا، متأهبين لإعداد العدة بما يستطيعون للخروج ببلادهم حضرموت  من هذا النفق المظلم ، مستبشرين بوعد الله الحق القائل في محكم التنزيل :
إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ 
وفق الله الجميع لما فيه الخير والصلاح ورمضان كريم  .