حضرموت.. الإجماع والوحدة مطلب.. ولكن الكيف أهم !؟.

تأكدت بفعل العمر و تجارب السنين.. الا  انتظر إجماع إيجابي  في حضرموت.. ولا وحدة مجتمعية - سياسية تمكن الحضارم من فرض دورهم في إدارة الحياة السياسية و الاقتصاديه ، رغم المخاطر المهددة لما تبقى من ثقافة و قيم حضرمية، ميزة الشخصية الحضرمية سلوكيا وتعاملا في الوطن و المواطن المهجرية أيضا.. نعم تعودت ألا يحصل إجماع و ألا أتوقع وحدة إرادة وطنية واحدة.. ولكنني لم أشعر بانني مهزوم.. وظل الأمل في وحدة مجتمعية محركا ودافعا لي لأسباب عرفتها خلال مسيرتي الحزبية في رابطة الجنوب العربي و حركة موج بعد حرب صيف 1994 التي تمكنت صنعاء بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح- يرحمه الله ، من الانتصار العسكري فيها ، وعجزت عن ترجمته في بناء الدولة،أو الانتصار على العقلية القبلية-المناطقية.. وكانت لي تجربة أخرى للتعامل مع الواقع عندما قبلت دعوة الرئيس صالح للقدوم إلى البلاد ، و المشاركة في بناء الدولة، كان ذلك في قصر الضيافة السعودي في جدة.. قبلت الدعوة و ألتقيت بكل من الاستاذ عبدالقادر باجمال رئيس الوزراء الذي عرض عليّ العمل مستشارا في مكتبه - يرحمه الله-، ويومها ابلغته رغبتي في العمل في حضرموت، نصحني بعكس ذلك، وعندما اصريت على خوض الانتخبات لعضوية المجلس المحلي رتب لي لقاء مع د.عبدالكريم الأرياني .. الذي أوصى قيادة المؤتمر في الوادي بعضويتي بها ، و كلف السيد محمد حسين العيدروس بمتابعة ذلك، وهو الذي اقترح تعييني وكيلا مساعدا للوادي والصحراء.. و قلت له وللمحافظ عبدالقادر هلال يرحمه الله، الذي يعين يفصل.. أريد أدخل انتخابات المجلس المحلي لمحافظة حضرموت.. وهو جانب حذروني من خطورة عدم النجاح الانتخابي إليه..فقلت، وبحضور قيادة المؤتمر الشعبي العام أن لم أنجح مع أهلي-ما فائدتكم مني-لا للوظيفة. 

كانت تلك تجارب.. عرفت من خلالها عقليات مناطقية و أخرى حزبية لا يجمع بينها إلا الهيمنة على حضرموت وابقائها مقطورة التموين في القطار اليمني، بكل جغرافياتها التاريخية ، من خلال ديمغرافيتها الانقسامية ؛ التي وجدوا في بعض فئاتها بغيتهم و حولوهم إلى أدوات.. لم يرق وجودي للبعض في الهيئة الإدارية للمجلس المحلي.. وإجتمعوا في "سيئون " كمؤتمر شعبي عام لإزاحتي.. قبلت التحدي ولم أغادر المجلس ، رغم المغريات التي ابدتها جهات رفضت التعاون معها لخدمة أهدافها..ومنها مدير عام لدار بكثير للطباعة و النشر، ورئيس تحرير" لصحيفة 22 مايو ".. وبعد لقاءات مع وزير الإعلام اللوزي و الاستاذ : عبده بورجي- اعتذرت  لأسباب تتعلق بصلاحياتي ، الى جوانب أخرى ليس هنا مجال لذكرها.. لا أقول ذلك إدعاءا و لكن في سياق تجارب مليئة بالاخفاقات و المرارات والأستاذ: بورجي  و المحافظ: سالم الخنبشي وغيرهم أحياء أطال الله في اعمارهم  ..لكي نراجع المواقف وأسباب ما وصلنا إليه ، ورحم الله عبدالقادر هلال الذي بذل جهود لاقناعي بالقبول قائلا الأمور ستتغير فدفع حياته على مدارج متغيراتها التي نعيش .. أما تجربة المجلس و هي أربع سنوات ، فقد أكدت لي صوابية رهاني و هو أن 
 تجربة الفشل  في العمل السياسي و الوطني ، لا تعني فقدان الأمل في يقضة شعب حر - كريم كالشعب الحضرمي .. وان أبناء حضرموت ورغم انقساميتهم و فرديتهم سيدركوا ان تكالب هذه القوى المناطقية على حضرموت لن تفقد وسائلها ، الا بتعلية الحضارم جدار وحدتهم، وان الإجماع على توحيد ارادتهم صعب ولكن  ليس صعب عبوره إلى الأغلبية .. لتجاوز تراكمات التهميش  و التبعية- المهم الشروع في عمل محدد الأهداف ، يعتمد على القوى الإجتماعية.. وجاء تفعيل "حلف قبائل حضرموت" ليؤكد صوابية رايي و رؤيتي لتجاوز الحزبية السياسية وقياداتها النفعية و ادواتها المجتمعية .. 

فحضرموت لا تحتاج  الى أكثر من قيادة تجسد طموح الحضارم في فرض دورهم على الساحة اليمنية، و تطوير علاقاتهم التاريخية بالاقليم العربي و المواطن الحضرمية 'الافروأسيوية.. وهذا يعتمد على قيادة الحلف وتطوير اداءه السياسي و بنيانه التنظيمي في هذه المرحلة التاريخية-بكل تفاعلاتها و تحدياتها. 

دون شك سيقول قائل: وماذا  عن ما صدر عن إجتماع العيون تحت إسم و شعار حلف قبائل حضرموت.. وأقول : هذا متوقع و خصوم حضرموت لن يعدموا  حضارم و من قبائل حضرمية ، وتجربتي التي سردتها أعلاه تؤكد لي أن القوى الخائفة من حضرموت "الدور و الإقليم القائد" ،  سنستغل الاوضاع المعيشية  فضلا عن تحريك بنادق للإيجار  من خارج حضرموت إلى  الذين يتطلعون إلى بعض المكاسب المادية- الآنية.. وهذه تجربة مررنا بها في لقاءات حضرمية سابقة ومنها إنشاء" مجلس حضرموت الوطني"، و الذي تم  الاتفاق عليه ، و توقيع ميثاق شرف.. و التحضير  لمؤتمره التاسيسي ،  وفجاءة عصف به ،لصالح قوى حزبية و توجهات تجارية و تدخلات" شرعية" حتى لا يكون المؤتمر الجامع الحضرمي..عموده الفقري و المجتمع الحضرمي قوته الجماهيري في عمل"  سياسي جبهوي "  يحكمه وينظم مؤسساته و آليات عمله نظام داخلي - كدستور يحتكم إليه  الاعضاء و  كذلك المكونات  السياسية و الاجتماعية ولا يلغيها.. طال ما إلتزمت بالأهداف و المبادئ حضرميا بحسب الرؤى التي اقرت ، و لكن هناك من اغاضه هذا التوجه و اتى ببعض الحزبيين مما افشل توحيد الإرادة السياسية و المجتمعية-لابناء حضرموت. 

لذلك لا نستغرب اندفاع الانتقالي الجنوبي و ان استهجنا موقف السلطة المحلية من حلف قبائل حضرموت الذي اعتبره المجتمع الحضرمي على إختلاف شرائحه و فئاته ،  رفضا لمطالب حضرموت   في استعادة مؤسسات الدولة الادارية و التمثيلية و تهيئتها للحكم الذاتي ،وهذا موقف يتماهي مع موقف مجلس الرئاسة او  بتوجيهاته ، خصوصا وان عيدروس الزبيدي عضوا فيه ، كما زميله فرج سالمين البحسني- الذي غلب إنتمائه للانتقال على حضرميته ، اما الحكومة .. ونعني حكومة بن مبارك فهي خارج الموضوع -رغم مسؤوليتها الدستورية والقانونية في ادارة الوحدات الإدارية للدولة.. وفي كل الأحوال نتسائل كيف تقبل مبخوت بن ماضي-الحاكم الإداري-خطاب الزبيدي و استفزازه لأهله.. ولكنها الضارة النافعة التي أدت إلى مناصرة أغلبية المجتمع الحضرمي لحلف قبائل حضرموت، وحولت المقدم: عمرو بن علي بن حبريش من رئيس لحلف قبائل حضرموت  و المؤتمر الجامع الحضرمي..إلى زعيم حضرمي.. و في لحظة تاريخية فارقة  - ذكرتني بشخصيات تاريخية أسهم في صنعها خصومها  - مثل الملأ مصطفى البرزاني القائد التاريخي لكردستان-الذي حقق لكردستان العراق الحكم الذاتي.. وان اختلفت المجتمعات و أهمية الجغرافيا في استراتيجيات المحيط،  فحضرموت من الناحية الجغرافية اهم بموقعها جنوب الخليج و الجزيرة العربية على بحر العرب وبالتالي المحيطين الاطلسي و الهادي و بما ان السعودية ليست تركيا فان التشاور مع القيادة السعودية يأتي في إطار العلاقات التاريخية و الاستراتيجية -كإقليم قائد..دونه حضرموت دولة محورية في أمن واستقرار المنطقة.

نحن لا نكشف سرا ولا نأتي بجديد.. إذا ما طالبنا بعض الأخوة استلهام دور الحضارم التاريخي في إقامة دول خليجية  .. واسهاماتهم وظيفيا في قطاعات استراتيجية و اقتصادية بعد استقلال تلك الدول ،كما لا ننكر دور اخواننا غرب حضرموت او الجنوب في شرطة تلك الإمارات .. والذين كانوا يجندون من خلال القوات البريطانية في قاعدة مستعمرة- عدن ، وفق مبدأ بنادق للايجار ..  كما أتى بهم إلى سلطنات حضرمية.. ذلك تاريخ يجب أن يؤسس لعلاقات الاحترام المتبادل-لكي يكون المستقبل مبني على ما يحقق أمن الجميع..ويمنع اعاصير اظن اخطارها لا تغيب عن مؤسس دول الخليج العربية و منها من يستطيع إيقاف الانتقالي و اتباعه في حضرموت .. و دون شك مؤسسات هذه الدول تدرك الفرق بين القابل للتسير أو التصريف و ذلك المدرك لأهمية دوره في مجتمعه و لما تفرضه الجغرافيا و الوشائج القومية عليه في الحاضر وعلى طريق المستقبل في أهم مناطق العالم على صعيد تشابك المصالح  وتناطح  الاستراتيجيات..والتي نتوقع زيارة المقدم:عمرو و رفاقه تتم مباحثاتهم في اطارها.. ونتوقع نجاحها.. وبالتالي وحدة الأغلبية الحضرمية في إتجاه حضرموت دور ثقافي وتاريخي و مجتمع قادر على الاضطلاع بدوره في أمن واستقرار اليمن.. والجزيرة العربية.