"عين الجزار ... ومعدة الحلاق!"
بينما كان أحد الجزارين يقطع بعض اللحم طارت بعض فتات العظم ودخلت في عينه، فأصبحت عينه تؤلمه، ذهب إلى الحلاق لأنه لم تكن هناك مستشفيات في المنطقة التي يسكنها،
فقال له الحلاق: سهلة، لا تحتاج لشيء كبير، فقط تعقيم وشيء من المرهم، ثم ضمد عينه، وقال له: كل يوم تيجي إلى عندي كي ننظف العين.
في اليوم الثاني جاء الجزار ومعه كيلو لحمة وكيلو من الكبد، والحلاق يقوم بتنظيف العين ويضع المرهم، ولم يحرك العظمة أبداً، وبقي الوضع هكذا أياماً، وفي يوم من الأيام جاء الجزار ولم يجد الحلاق، بل وجد ابنه، فقال له الولد : أهلاً عمي ، قال له الجزار: هل علمك أبوك الصنعة.
الولد : نعم.
فقال الجزار: أنظر ماذا في عيني؟
فقال الولد: إنها شظية عظم سأسحبها، الأمر سهل، وبالفعل سحبها في في ثواني ونظف عين الجزار.
وفي الليل، عاد الحلاق إلى البيت، وسأل الولد: كيف كان عملك اليوم؟
فقال الولد: جاء جزار في عينه قذاة سحبتها من عينه، فإذا هي جزء صغير من عظم.
غضب الأب كثيراً من تصرف ولده، وعندما سأله ابنه عن سبب غضبه، وأنه كان يجب أن يشكره لأنه أنقذ رجلاً وساعده في التخلص من ألمه، فقال له أبوه يا بني كان ذلك الجزار يأتي إليّ يومياً بلحم، وكبدة كي أجارح له عينه! أما الآن فلن يأتي أبداً، لأن عينه لا تؤلمه بعد الآن، لقد ضيعت علينا أكل اللحمة كل يوم أصلحك الله.
العبرة من القصة:
هناك من يريد أن يبقى الوضع في حالة عدم الإستقرار، حتى يظل يأكل اللحم، هذا هو استغلال مآسي الآخرين، كما هو اليوم مع الاسف وضع بلدي، الكل يريد أن يصبح مثل ذاك الحلاق، يأكل على حسب الناس الفقراء والمحتاجين، وعامة الشعب أصبح يقدم دم لحمه مثل ذلك الجزار المسكين ظناً منه أنه يريد العافية والشفاء، لكن لا الخلاق شبع، ولا الحوار توقف عن تقطيع لحمه لكي يشبع الحلاق.
نسأل الله أن يصلح البلاد والعباد..
جمعتكم جمعة خير وبركة عليكم، وجمعة صدق ومحبة، وجمعة نصر وتمكين لإخواننا في فلسطين، وفي غزة خاصةً، وجمعة أخذ العبرة والعظة.
محبكم/
د. فوزي النخعي
13 / شوال/1446هج.
*الموافق: 11 / أبريل/2025.*