شباب عدن.. بين رماد الحرب وشرارة الأمل

عدن... مدينة البحر والضوء، تحمل في تفاصيلها وجوهًا متعبة وشغوفة، وأحلامًا معلّقة على جدران المعاناة.
في قلب هذه المدينة، يقف شباب عدن كأعمدة صلبة، يواجهون الحياة بصلابة من عاش كثيرًا، وبإصرار من لم يتوقف عن الحلم يومًا.

جيل لم يختر الحرب، لكنه اختار الحياة

نشأ شباب عدن في واقع مليء بالتقلبات: أصوات الرصاص، الانقطاعات، شبح الغياب المؤسسي، وقلة الفرص. لكنّهم لم يستسلموا. بل بدأوا يسألون: "ما الذي يمكننا فعله؟"، وبدل أن ينتظروا الحل من الخارج، بدأوا يصنعونه من الداخل... بطريقتهم الخاصة.

مبادرات من قلب الركام – حين يصير الحلم فعلًا

من قلب الأزقة القديمة في كريتر إلى شواطئ المعلا وخور مكسر، ظهرت مبادرات شبابية تدهش من يتابعها، ليس لأنها ضخمة، بل لأنها عنيدة، ومخلصة، وحقيقية:

"عدن تقرأ": مبادرة لإعادة الروح للكتاب والقراءة، نظمها شباب متطوعون في الساحات والحدائق العامة.

"فريق سند التنموي": يعمل على حملات النظافة والتوعية والإغاثة للفئات الأشد فقرًا، ويقوده طلاب جامعيون بجهودهم الذاتية.

"Code for Yemen": مبادرة تعليمية لتأهيل الشباب عدنيًا في البرمجة والعمل الحر، فتحت أبواب رزق وفرص جديدة أمام العشرات.

"منصة فُرصتي": تهدف لتمكين الشباب عبر تجميع المنح والتدريب والوظائف في منصة واحدة.

"عدن تبدع": مشروع فني يجمع الموهوبين في الشعر والموسيقى والرسم ليعيدوا الحياة إلى المدينة بصوت الفن.

كل مبادرة من هؤلاء ليست مجرد مشروع... إنها صرخة: "نحن هنا، لا زلنا نحلم."

المرأة العدنية... حضور لا يُكسر

لا يمكن الحديث عن شباب عدن دون التوقف عند الشابة العدنية. رغم التحديات المجتمعية، تبرز اليوم مئات الفتيات في مجالات الإعلام، الهندسة، التصوير، التصميم، وحتى العمل السياسي.
 كثيرات يدرن مشاريعن من بيوتهن، أو يعملن في التعليم والمجتمع المدني بصمت وفعالية. 
هن شريكات في صناعة الأمل، لا مجرد شاهدات على الألم.

صراع الهوية والتطلعات

يعيش شباب عدن صراعًا داخليًا بين ما يريدونه لأنفسهم، وما تفرضه عليهم الظروف. لكن وسط هذا الصراع، تتكون هوية جديدة: جيل لا ينتمي فقط للماضي، بل يعيد تعريف الحاضر، ويصوغ مستقبله بوعي مختلف، منفتح، وجريء.

عدن لا تُختصر في مآسيها

إذا أردت أن تفهم عدن... انظر إلى شبابها.
 
أولئك الذين يدرسون على ضوء الشموع، ويبتكرون رغم انقطاع الإنترنت، ويقاومون الخذلان بابتسامة ساخرة.
هم الصورة الحقيقية لعدن، لا الحرب، ولا السياسيين.

عدن ليست مجرد مدينة تنهكها الأزمات... بل مدينة تنهض كل يوم بشبابها.

خاتمًا: لأننا أبناء هذا الضوء

في لحظة صمت فوق أنقاض التعب، كتب الشاعر العدني علوي الفَرَجِي:

"نولدُ من غيمٍ على حافةِ الغرقِ
لكنّنا لا ننسى الضوء، ولو ومضَ برقِ"

ذلك الضوء... هو الشباب العدني.

جيل الرماد والنار، لكنه يضيء... ولا يحترق.