آفات الشعوب ـ الثلاث!
بقلم: حسين السليماني الحنشي
ابتلت شعوبنا بهذه الآفات التي عانت منها كثيرا ودفعت الأثمان الباهظة نتيجتها.
ومن هذه الآفات الثلاث التي نعاني منها إلى اليوم ـ الأنانية ـ التي جعلت الكثير منا وممن يمسكون بزمام الأمور، لا يلتفتون إلى أوطانهم وشعوبهم، فصخّر هؤلاء أعمالهم وكل ما كان تحت مسؤوليتهم لصالحهم الشخصي، ويحاولون وبكل ما أوتوا من قوة منع الآخرين من الإقتراب حتى من حقوقهم!
فكانت ـ الأنانية ـ بين الناس أنا وبس، وهذا لي، وهذا حقي ومن حقي، وكله من ذكائي، وخبرتي، وتجاربي، ونضالي ووو، حتى تكونت البطانة السيئة، كما نراها ترافق من تولوا المناصب القيادية، حيث يرشدونهم إلى الهاوية.... وما الانقسامات بين مكونات المجتمع، والانقلابات العسكرية والخلافات الإجتماعية والسياسية التي تحدث إلا كان سببها الأنانية والبطانة السيئة، وهذا ما ألقى بظلاله في الجوانب الأخرى من تدهور في حياة الشعوب، وهي من أخرجت لنا الحاكم المستبد الذي يرفض المشاركة في الحكم، وما يجري اليوم من أحداث على كافة الأصعدة، خير شاهد...
وحينما تتجذر الأنانية وتتشعب يصبح الكثير من أبناء الشعب موظفين قد أخذت الأنانية حيزا من عقولهم، مع مؤسس الأنانية، حتى أنك تجد الخلافات في أوساط المجتمع ظاهرة للعيان، هنا نقترب من الآفة الثانية ـ الهمجية ـ التي انتشرت في ظل الأنانية التى لم تسمح لأفراد المجتمع بالاستقرار، فكانت البلطجية المعروفة بأنها تعمل خارج القانون، والمشكلة الكبرى عندما تكون هذه الآفة تتحرك بإسم الدولة، وأنها راعية للنظام والقانون، هنا يتفكك المجتمع وتتكون فيه الجماعات الخارجة المألوف، وتتخذ بعدا آخر من التناحر، وكأننا في غابة لا يحكمها إلا الوحوش!
واليوم نعاني منها الأمرين مما يحدثونه من خراب ودمار في الممتلكات...
إن هذه الحالات المدمرة للشعوب، لا تعيش إلا في ظل الاستبداد الذي يحركها كيفما يشاء؛ لأنها تقوم بخدمته، أو تتوافق معه، ولا يهمها الوطن والشعب، والاستبداد هو الآفة الثالثة التي يتجرّع منها الشعب كل أصناف التنكيل و ـ الاستبداد ـ هو الذي منع الشورى التي تقرّ القوانين واللوائح المنظمة لحياة الشعوب، والتي تحافظ على المنجزات الوطنية وتدفع بعملية التنمية المستدامة؛ لأن الشورى هي أعظم أعمدة الدولة، وهي العقول النيرة ذات البصيرة الثاقبة التي باستطاعتها إيجاد الحلول المناسبة، لكن شتان بيننا وبين شعوب العالم الأخرى، فقد جعلت لهذه الآفات حدّ يمنعها من الإنتشار ، وأصبحت يتيمة حيث لا تجد الأرض الخصبة التي تنمو فيها...
فأحجموها وجعلوها تعيش في الفرد وتموت في أقصى سرعة ؛ لأنها لاتجد الأرض الخصبة ، بينما أوطاننا أوجدت لها مؤسسات تحافظ عليها، وما تعيشه شعوبنا اليوم من مآسي إلا بوجود تلك الآفات التي دمرت كل شيء جميل في حياتنا.