«بخضر».. مثال للحضرمي الأصيل
في زمن تتقلب فيه المبادئ، وتُختبر فيه القيم في تفاصيل الحياة اليومية، سطّر مواطن حضرمي بسيط يدعى «أحمد سعيد بخضر» - و يعمل سائق حافلة نقل الركاب في خط "المكلا – فوة"- موقفًا ناصعًا في النزاهة والأمانة، عند أقدامه على إعادة مبلغ مالي كبير يُقدّر بـ70 ألف ريال سعودي، بعد أن عثر عليه داخل حافلته عقب نزول إحدى الراكبات، مؤكدًا أن معدن الإنسان الأصيل لا يبهت مهما تغيرت الظروف.
لم يتردد «بخضر» لحظة في التحرك، مدفوعًا بفطرته السليمة وضميره الحي، باحثًا عن المرأة المسنة التي نسيت المبلغ داخل الحافلة ، وبعد جهود مضنية، تكللت محاولاته بالنجاح، وأعاد المال كاملًا لصاحبته، في موقف حظي بإعجاب واسع من المجتمع المحلي، وأعاد إلى الأذهان صورة الإنسان الحضرمي التي كثيرًا ما ارتبطت بالصدق والأمانة.
ويُجسد التصرف النبيل للمواطن «بخضر» أحد أرقى القيم الإسلامية، التي حث عليها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، حين قال: "أدِّ الأمانةَ إلى منِ ائتمنَكَ، ولا تخُنْ من خانَكَ" (رواه الترمذي)، كما قال عليه الصلاة والسلام: "لا إيمان لمن لا أمانة له"، في إشارة واضحة إلى أن الأمانة ليست مجرد خلق محمود، بل هي ركيزة من ركائز الإيمان ذاته.
أن هذا الموقف الإنساني و الأخلاقي هو امتداد لسلسلة من النماذج المشرفة التي ارتبطت بالحضارم حيثما حلّوا وارتحلوا. فقد عاشوا في مجتمعات متعددة حول العالم، من شرق آسيا إلى شرق إفريقيا، وكانوا دائمًا مثالًا يُحتذى في الصدق والأمانة والالتزام، ما أكسبهم احترامًا وثقة لا تزال تُروى حتى اليوم.
لقد جسد «أحمد بخضر» بأمانته تلك ليس فقط صورة المواطن الصالح، بل الصورة المتجذرة في هوية الحضرمي الأصيل، الذي يعلو بقيمه فوق كل إغراء، ويؤمن أن أداء الحقوق هو طريق البر، وهي ليست مجرد قيمة نظرية، بل سلوك يومي وتجسيد عملي للإيمان، وأن الحضارم ما زالوا أوفياء لميراثهم الأخلاقي والروحي، حتى صار ذكرهم مرادفًا للثقة والخلق الحسن.