معالي الوزير محمد بن عيضة شبيبة. وانشدوا أمجادها من رجالها.

(أبين الآن) كتب/ راجح المحوري
إذا كنت تستعرض التاريخ السياسي القريب لليمن، باحثا عن الرموز الوطنية التي حظيت بإجماع شعبي ونخبوي واسع، فإن مهمتك على الأرجح ستكون صعبة، ذلك لأن الفرز الحاد والتباينات العميقة بين المكونات والقناعات والتوجهات، سياسية كانت أو فكرية أو مذهبية، غالبا هي من الحضور في الذهن، والقوة في الواقع، والسيطرة على الإنسان، بحيث لا يمكنه أن يتجاوزها فيكون وجها مقبولا عند الكل، وهي في سياقنا اليمني الخاص، تخمّرت حتى لم يعد هناك من يمكنه أن يرى غيره، إلا من خلال ذاكرة مؤثثة بإرث طويل من المواقف الأيديولوجية التقسيمية المقيتة.
غير أن ثمة دائما من يخرج من بين ركام الاحتدام السياسي، كما يخرج أنبياء بني إسرائيل..
معالي الوزير الدكتور محمد بن عيضة شبيبة، الذي كان لي معه تواصل بسيط، وسمعت عن حضوره وتأثيره الكثير، فحاولت أن أختبر ذلك من خلال عدد من الشخصيات ذات التوجهات المختلفة، والتي دائما ما ألتقي بها في عدن؛ وجدت أنه فعلا يمتلك قدرا عظيما من المحبة والتقدير الصادق، فكأن الكل يطرح عن قلبه وعقله أثقال الانقسام السياسي عند الحديث عن الرجل، ليتحدث عنه حديث الإنسان الخالي إلا من الود لأخيه الإنسان.
والحق أن تقدير الناس لك ليس منّة يتفضلون بها عليك، ولكنه ثمرة تعامل تقدمه ونتيجة مواقف تتبناها، وذلك يقينا ما يفعله الوزير شبيبة.
معالي الوزير الشيخ الدكتور محمد بن عيضة شبيبة، الذي يقف على رأس عمل إحدى أهم الوزارات في الدولة، الوزارة التي تتماس بشكل مباشر ويومي مع المجتمع، وهي وزارة الأوقاف والإرشاد، لا يرى في هذه المهام الكبيرة المتعددة عذرا لشخصه في تجاهل الآخرين، وهو المعذور، ولا يجد في مشاغله الكثيرة مبررا للمضي دون التوقف عند هذا أو ذاك من أبناء الشعب عامته ومثقفيه، وذلك لطبع أصيل في ذاته الكريمة النبيلة أولا، ولثقافة واسعة يمتلكها ثانيا، وليس الوزير المثقف كالوزير ضعيف الثقافة، والشواهد على ذلك كثيرة..
لقد وقف معالي الوزير محمد بن عيضة شبيبة، بفكره وسلاحه في طليعة المدافعين عن الدولة اليمنية، ومازال، فكتب في المفاهيم العقلية المجردة، بفكر مستنير، وعقل خلّاق، وحجج مستقيمة، كما قاتل بالدم والبارود في أرض الميدان، وهو اليوم في جبهة لا تقل في ثقلها وتكاليفها عن الجبهتين السابقتين، اللتين لازال مهوما بهما، مساهما فيهما، بنفس القوة وبنفس اليقين.
وهذا الموقع (وزارة الأوقاف) الذي هو جبهة حقيقية، سواء من حيث خدمته للمجتمع أو مهامه التنويرية، يقتضي من الدولة ممثلة بالمجلس الرئاسي، دعمه بأقصى ما يمكن من الدعم، حتى تُفعل كل الأجهزة، وتنفذ كافة الخطط التي تضعها الوزارة في إطار برامج تعزيز الوعي الجمعي، وقمع بوادر الفكر السلالي الدخيل، خاصة ونحن نرى المليشيا في الجانب الآخر، تراهن على الإمساك بخشب المنبر، كما تراهن على الإمساك بخشب البندقية.