الجحود بالنعم دمر اليمن وأغرقها بالمآسي والنقم

شهدت اليمن في العقود الماضية فترة من الأمن والأمان والرخاء والاستقرار والاطمئنان، حيث كانت تتمتع بمؤشرات تنموية إيجابية، ومؤسسات دولة فاعلة، وخدمات عامة في مجالات التعليم والصحة والبنية التحتية.


لكن هذه النعمة لم تُقابل بالحمد والشكر لله، ولم يتم الحفاظ عليها، وانما قوبلت بالجحود والنكران، فكانت العقوبة تدهور البلاد ودخولها في مستنقع الحرب والموت والمآسي والهلاك، حتى أصبحت اليوم تعاني من أسوأ الأزمات الإنسانية في العصر الحديث.


وبسبب الانكار والجحود لنعمة استقرار الأوضاع الأمنية والمعيشية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية وغيرها من مجالات الحياة العامة التى كنا نعيشها في العقود السابقة، ومقابلتها بالفوضى والمعاصي والخراب والدمار، واشعال الفتن والخلافات، انقلبت العصابات والمليشيات المسلحة على الدولة وسيطرت بقوة السلاح على السلطة وتولت الحكم والقيادة، ومارست أسوأ اساليب الظلم والكبت والاستبداد والعنصرية، ونُهبت الموارد والثروات العامة، فتفشي الفقر والبطالة، وانتشر الفساد في مختلف أجهزة ومؤسسات الدولة، وتوقفت العديد من المشاريع وفي مقدمتها المياه والكهرباء، وتجمدت الاستثمارات، وتدهورت الخدمات الحكومية وخاصة التعليم والصحة، وقُطعت المرتبات والطرقات، ودُمرت المصانع والموانئ والمطارات.


كما توقف إنتاج وتصدير النفط، وتصاعدت الصراعات والاضطرابات السياسية، وانفجرت الأوضاع العسكرية، وتحولت البلاد الى ميدان حرب لتصفية الحسابات الداخلية والاقليمية والخارجية، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية، وزيادة معدلات الفقر والجوع والجهل والبطالة، وتشريد الملايين من اليمنيين، وقتل وجرح مئات الآلاف من المدنيين.


إن الجحود بنعم الله يؤدي إلى تدهور الأوضاع، وتحوّل النعم إلى نقم، وقد وضح الله تعالى هذا الأمر في قوله تعالى ( وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ ) صدق الله العظيم.


ولذلك يجب علينا أن نتعلم من تجارب الماضي، وأن نقدر النعم التي نكون فيها. فقد كانت اليمن في فترة من الفترات أنموذجاً للأمن والاستقرار، لكن الجحود بتلك النعم وعدم الحفاظ عليها أدى إلى ما نراه اليوم من تدهور في مختلف المجالات.