صرخة مدوية في عدن.. نساء ينتفضن في وجه الظلام الاقتصادي والخدمي
اهتزت أركان العاصمة المؤقتة عدن امس السبت على وقع صرخات الغضب النسائي، حيث خرجت جموع حاشدة من النساء في مظاهرة عارمة تجسد حالة اليأس والاحتقان المتصاعد جراء التدهور الكارثي في الخدمات الأساسية والانهيار المروع للاقتصاد الوطني. وسط صمت مطبق وعجز فاضح من الحكومة عن تقديم أي بارقة أمل لحياة كريمة، تحولت شوارع عدن إلى مسرح لصرخة مدوية تطالب بأبسط مقومات البقاء.
انطلقت المسيرة الحاشدة من ساحة العروض التاريخية في مديرية خور مكسر، لتجوب الشوارع الرئيسية في المدينة، حاملة معها لغة الغضب الصادق والمعاناة اليومية التي تكابدها الأسر العدنية. وارتفعت اللافتات المعبرة بأيدٍ مرهقة من قلة الحيلة، مطالبة بتحرك فوري لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. وفي مقدمة المطالب، حلت أزمة الكهرباء المستعصية، التي تحولت إلى كابوس جاثم على صدور السكان، حيث وصلت ساعات الانقطاع إلى مستويات غير مسبوقة تجاوزت الـ 17 ساعة يوميًا. ومع لهيب الصيف الذي يلفح المدينة الساحلية، بات غياب التيار الكهربائي بمثابة حكم قاسٍ على حياة الناس، يعطل أعمالهم، ويهدد صحتهم، ويقوض قدرتهم على مواجهة الظروف الاقتصادية القاسية.
لم تقتصر حناجر المتظاهرات على التنديد بظلام الكهرباء، بل امتدت لتشمل كافة جوانب الحياة المتردية. فقد عبرن عن سخطهن العميق من الارتفاع الجنوني في الأسعار الذي يلتهم ما تبقى من دخول هزيلة، وفقدان القدرة الشرائية الذي يحول أبسط الضروريات إلى أحلام بعيدة المنال، وتآكل فرص العمل الذي يهدد مستقبل الأجيال. وبصوت واحد، عبرت النساء عن إحباطهن من عجز الحكومة عن اتخاذ أي خطوات ملموسة لوقف هذا النزيف الاقتصادي الذي ينذر بكارثة إنسانية وشيكة.
"طفح الكيل ولم يعد لدينا ما نخسره سوى هذا العذاب اليومي"، هكذا عبرت إحدى المتظاهرات بعينين تملؤهما الحسرة والغضب. وأضافت أخرى بصوت يرتجف: "أين الحكومة؟ أين المسؤولون؟ هل ينتظرون حتى نموت جميعًا من الحر والجوع؟".
وقد أكدت المشاركات في هذا التحرك النسائي الشجاع عزمهن على الاستمرار في الاحتجاجات السلمية والتصعيد في خطواتهن النضالية حتى تستمع الجهات المعنية إلى صرخاتهن العادلة وتحقق مطالبهن المشروعة. وحذرن من مغبة تجاهل هذه الأصوات الغاضبة، مؤكدات أن صبرهن بدأ ينفد وأن استمرار الوضع على ما هو عليه قد يدفع الأمور إلى نقطة اللاعودة.
تأتي هذه المظاهرة النسائية القوية لتضاف إلى موجة من الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في عدن ومختلف المحافظات الجنوبية، والتي تعكس عمق الأزمة وثقة المواطنين المتآكلة في قدرة الحكومات المتعاقبة على إيجاد حلول جذرية لمشاكلهم المتراكمة. ويبقى السؤال الأكثر إلحاحًا: هل ستستمع الحكومة هذه المرة إلى هذه الصرخات الصادقة والملحة قبل أن ينفجر بركان الغضب الشعبي بشكل يصعب السيطرة عليه؟ وهل ستدرك أن تجاهل مطالب النساء، اللاتي يمثلن نصف المجتمع وعموده الفقري، هو بمثابة تجاهل لمستقبل الوطن بأكمله؟
عدن تستغيث بنسائها الغاضبات: صرخة في وجه العجز والخذلان
في مدينة عدن المكتوية بلهيب الشمس والإهمال، لم يكن خروج النساء اليوم مجرد احتجاج عابر، بل كان زلزالاً هز أركان الصمت الرسمي وكشف عورة العجز الحكومي. لقد خرجن لأنه لم يعد لديهن ما يخفن عليه، فالحياة نفسها باتت مهددة في ظل غياب أبسط مقوماتها. خرجن ليقلن كلمتهن بصوت عالٍ وواضح: كفى عبثًا بمقدراتنا وحياتنا.
في ساحة العروض، التي شهدت عبر تاريخ عدن محطات مفصلية، تجسد اليوم مشهد يختزل قصة مدينة تحتضر ببطء. نساء خرجن من قمقم الصبر المرير، يحملن على أكتافهن هموم أسر مثقلة بالديون وشبح البطالة وانقطاع الخدمات. لم تكن وجوههن تحمل سوى تعابير الغضب والألم، وعيونهن ترمق المستقبل بنظرة يائسة تخالطها شرارة إصرار على التغيير.
لقد نزعت نساء عدن اليوم عباءة الصمت وارتدين رداء الغضب، وهن يدركن تمامًا أن لا صوت يعلو فوق صوت الحق المغتصب. شعاراتهن كانت مدوية، مطالبتهن كانت واضحة ومباشرة: نريد كهرباء، نريد ماء، نريد حياة كريمة. لم تكن هذه المطالب ترفًا، بل هي أبسط حقوق الإنسان التي كفلتها كل الشرائع والمواثيق.
أما الحكومة، فكعادتها، تغط في سبات عميق، غير آبهة بصرخات الاستغاثة التي ترفعها نساء ورجال وأطفال عدن. يبدو أنها تعيش في كوكب آخر، بعيدًا عن واقع المعاناة اليومية التي يكابدها المواطنون. وبينما تنعم قياداتها بمكيفات الهواء في فنادق فاخرة، يعاني أهالي عدن من حرارة لا تطاق وظلام دامس يلف حياتهم.
إن خروج النساء في عدن اليوم ليس مجرد مظاهرة احتجاجية، بل هو بمثابة استفتاء شعبي على فشل الحكومات المتعاقبة في إدارة شؤون البلاد وتلبية احتياجات المواطنين. إنه تعبير عن يأس عميق من وعود كاذبة وشعارات جوفاء لم تترجم إلى واقع ملموس.
لقد أثبتت نساء عدن اليوم أنهن قوة لا يستهان بها، وأنهن قادرات على تحريك المياه الراكدة وإحداث التغيير المنشود. لقد خرجن ليذكرن الجميع بأن كرامة الإنسان فوق كل اعتبار، وأن الصمت في وجه الظلم ليس خيارًا.
فهل ستستمع الحكومة هذه المرة إلى صوت العقل والحكمة، وتدرك أن الاستثمار الحقيقي يكمن في تلبية احتياجات المواطنين وتحسين ظروفهم المعيشية؟ أم أنها ستستمر في سياسة الصم الآذان وتجاهل صرخات الغضب، لتزيد بذلك من حالة الاحتقان التي تنذر بعواقب وخيمة؟
إن عدن اليوم، بنسائها ورجالها، يعلقون آمالهم على صحوة ضمير وطني يستجيب لنداء الواجب ويضع مصلحة الوطن والمواطن فوق كل اعتبار. فهل سيتحقق هذا الأمل قبل فوات الأوان؟ الأيام القادمة كفيلة بالإجابة.