أصل الباء في الأسماء الحضرمية... هوية متجذرة وعلامة انتماء

تُعد الأسماء العائلية التي تبدأ بحرف "الباء" سمة فريدة ومميزة لأبناء حضرموت في اليمن، حيث تنتشر ألقاب مثل "باوزير"، "باحكيم"، "بافطيم"، "بامخرمة"، وغيرها، ليس فقط في الداخل اليمني، بل في مناطق الشتات الحضرمي الممتد إلى شرق إفريقيا وآسيا. هذه الظاهرة اللافتة لم تأتِ من فراغ، بل ترتكز على أبعاد لغوية وتاريخية واجتماعية تعكس عمق الهوية والانتماء.

حرف "الباء" في الأسماء الحضرمية هو اختصار للكلمة العربية "أبناء" أو "آل"، واستخدمه الحضارم كصيغة مختزلة للدلالة على النسب والبيت والأسرة، مثل:

"باوزير" أي "أبناء وزير"

"باحكيم" أي "أبناء حكيم"

"بافضل" أي "أبناء أفضل"


وقد شكل هذا الاستخدام جزءًا من الهوية الجمعية للحضارم، ووسيلة للحفاظ على الروابط العائلية والقبلية، خصوصًا في فترات الهجرة والاغتراب التي عاشها الآلاف من أبناء حضرموت إلى دول شرق أفريقيا والهند وماليزيا وإندونيسيا، حيث ظلّت "الباء" ترافق أسماءهم وتُعرّف بهم في كل مكان.

هذا النمط الفريد من التسمية يمثل عنصرًا من عناصر القوة الناعمة للهوية الحضرمية، ويؤكد وعي الإنسان الحضرمي بأهمية النسب والانتماء كجزء من الكينونة الثقافية والاجتماعية، إلى جانب كونه دليلاً لغويًا على مرونة اللغة العربية وتطورها بحسب البيئة والاستخدام.

وفي ظل ما يشهده العالم من تآكل للهويات المحلية، فإن الحفاظ على هذه العلامة اللغوية – "الباء الحضرمية" – هو في حد ذاته شكل من أشكال مقاومة الاندثار الثقافي، ومظهر من مظاهر الاعتزاز بالجذور والانتماء.

إنه حرف صغير، لكنه يحمل إرثًا كبيرًا... هوية تتكلم بصوت التاريخ.