نسختك الجديدة.. هل أنت هو أنت؟

هل أنت متأكد أنك نفس الشخص الذي كنت عليه قبل سنة؟
قبل شهر؟
أو حتى بالأمس؟
قد تبدو هذه الأسئلة غريبة، لكنها ليست فلسفية فقط، بل وجودية، يومية، وواقعية جدًا.

نحن نعيش معتقدين أن في داخلنا "نُسخة أصلية"، ثابتة، لا تتغير.
 نتمسك بفكرة "الذات الحقيقية"، كأنها شيء نبحث عنه أو نحاول الحفاظ عليه ،لكن ماذا لو كانت الحقيقة مختلفة تمامًا؟ ماذا لو لم تكن هناك نسخة واحدة أصلية منك، بل آلاف النسخ التي تولد وتموت بداخلك كل يوم؟

في كل لحظة تمرّ، تتغير أفكارك، مشاعرك، أولوياتك، وحتى طريقة رؤيتك لنفسك والعالم.

تتأثر بما تقرأ، من تصاحب، بما تمرّ به من تجارب، بما تفشل فيه وتنجح فيه. 

أنت اليوم لست أنت الأمس، وغدًا ستنظر لنسختك الحالية بنوع من الدهشة أو الحرج أو الامتنان.

لكن هل هذا مدعاة للقلق؟

أبدًا.
هذه ليست دعوة للضياع، بل فرصة للنمو.
فكرة "نسختك الجديدة كل يوم" تعني أن لديك دومًا خيارًا: أن تتغير.
 أن تتحسن. 
أن تعيد تشكيل نفسك. 
أن تبدأ من جديد. 

إنها نعمة أن نكون كائنات متجددة، لا نسخة جامدة.

لكن يبقى سؤال عالق: هل هناك "نسخة حقيقية" فينا؟
ربما لا تكون النسخة الحقيقية شيئًا ثابتًا نكتشفه، بل شيئًا نخلقه باستمرار.
ربما تكون "نسختك الحقيقية" هي تلك التي تختارها أنت اليوم، عن وعي، عن نضج، عن حب للحياة .

ففي النهاية، لسنا صورًا معلقة على جدار، بل أنهار تجري...
وليس المطلوب أن تبقى كما كنت، بل أن تكون أقرب لما تحب أن تكون.

اختر نسختك، وابدأ من جديد.