(نثر) إنسان الألفية الثالثة

(نثر) إنسان الألفية الثالثة

(أبين الآن) كلمات/ حسين سالم السليماني الحنشي.

لم يعرفني تأريخ الإنسانية،
لم يخطر
عن نوع نادر
وفريد ،
عن إنسان الألفية 
الثالثة، 
عن مدمر، 
الحياة الإنسانية.
بحثت بقاموس المعاجم كلها،
لترجمة معان 
كلمات غريبة،
كانت كلها،
بألفاظ مبهمة... 
بكلمات شاذة.
يرفضها طالب العلم،
 والمعرفة.
يهجرها معلم التلاميذ 
يوصفها بعطب،
الكرة الأرضية.
أنا إنسان الألفية.

يولد أبني
بلا أضلاع 
ولا جمجمة..
يولد مباشرة
في الأسواق
يمارس التجارة،
يعرض
السكاكين ،
والهروات...
من يشتري؟...
على صدره
بندقية.
وظهره 
حقيبة الرصاص الحي!
ويده ،
ممتلئة بالقنابل...
إذًا هذا هو 
مجدي،
فوق عظام نبنيه...
وهذا منتزهي 
فوق مقبرة الموتى 
جوعاً...
أصنع ابتساماتي 
بضرب، 
الشيوخ العجزة،
وتزداد فرحتي
بتجويع صغارهم.
أروي حديقتي
بدم الأبرياء...
وأقطف وردتي 
بلون الدم الأحمر ،
أهديها،
لمجلس الأمن الدولي.
أنا إنسان الألفية.

لهوي أصوات الثكالى 
وبكاء الأرامل ،
ودموع الأيتام، 
وأنين المعتقلات.
قراري أقوى 
من الجبال!
أنا إنسان الألفية !

لا أخضع لأصوات الأغلبية.
وشعاري هو الحرية،
الديمقراطية. 
أحطّم مجتمعا، 
أجعله رامادا ،
إن يرفض، 
قرارات الأمم المتحدة.
نعم، تلك الشعوب،
مجنونة في نضالها ،
فهو عبثي،
بل هو (إره ...ا...ب...)
سنجعل من هؤلاء،
قلة قليلة،
مسكنهم دوماً،
بين الأسلاك الشائكة، 
نمارس معهم أبشع
صور القهر الإنسانية 
هذه كلابي منتشرة، 
حول العالم ...
تعوي، تهتف، لأجلي،
فانا أترك لهم
بقايا الطعام،
فمزبلتي لهم
على الدوام.
أنا إنسان الألفية !

أركض على رجل
بلا قدم،
وأهبط على فقرات 
ظهري المعوج!!
لا أستطيع البلع
من ضيق مستمر
في عنقي.
جلدي ملون 
بكل ألوان الطيف...
وأكثرها
حروق وجروح.
ومن كل ورم 
في جسدي 
صرت موزعا،
بين المشافي...
عيني لا تبصر ،
شمس الحرية،
والشمس لم تعد
كما كانت براغة،
أيضاً لم تعد،
شعار للاستقلال،
فهناك تماتيثل 
نيابة عنها،
هي رمز مزروع 
في أفكارنا...
صار الفجر ظلام،
والظلام طويل
لا ينتهي.
أنا إنسان الألفية !

أبني بيتي 
من بقايا عشب البقر...
خاوية لاتقاوم
العواصف الرملية...
يسقط بيتي فوقي.
أخرج منه 
كعقرب يحمل 
أبنائه 
إلى الهاوية،
إذًا منزلي
في كل البراري
قماشا تتلاعب
به رياح الإمبريالية.
يتطاير فوقي
منظره أبشع منازل
عرفتها البشرية..
لكنه أفضل من
بيتي
في بلدي.
فهو يتركني
وابني بيتا مثله...
أنا إنسان الألفية!

أبني بيتي
بعرق جبيني
شيّد أرضي 
كي تاويني 
أزرع قمحاً
أصنع خبزاً،
بكل جهد مني،
ثم، أخرجه 
صافي مصفى. 
في طبق ذهبياً 
لامع، 
يأكله رعاة البقر
الهمجية.
أو كهنة المعبد...
أنا إنسان الألفية !

حيث الحرام مجاناً،
والحلال قد تدفع 
فيه نفسك.
حيث كثرت السيارات 
ووصولها أسرع 
مما نتصوره،
لكن سيارات الإسعاف 
لا تمشي!
أنا إنسان الألفية !

حيث الراقصات
يفرشن لهن
السجاد الأحمر 
والمناضلون 
مكبلون ...
أنا إنسان الألفية !

الشذوذ نوعاً 
آخر 
من اللعنات تطاردنا 
له بنودا
تحميه...
فقدان هاتفي المحمول،
أكثر ألماً من 
فقدان الكرامة.
أنا إنسان الألفية !

الوفاء ليس
 له مكان،
فأهله من الطراز القديم،
فهو تخلف ورجعية.
أنا إنسان الألفية !

من يملك المال، 
يملك تمثال الحرية،
والعدالة والمساواة. 
أنا إنسان الألفية!
 
الأمانة خيانة 
والعري قمة الاناقة،
والتحشم قمة التخلف.  
وكسر الخاطر هو الصراحة...
أنا إنسان الألفية الثالثة!!!