تحويل السيارات إلى الغاز.. فوضى تقنية تهدد السلامة العامة

(أبين الآن) كتب | مراد حمران
في ظل موجة الغلاء التي تضرب أسعار الوقود وتثقل كاهل المواطنين، تزايد الإقبال في الأشهر الماضية على تحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي، باعتباره خيارًا اقتصاديًا مقارنةً بالبنزين أو الديزل. هذا التحول، الذي يُفترض أن يكون منظمًا ومدعومًا بإطار تقني وتشريعي واضح، تحوّل في بعض المناطق إلى ظاهرة عشوائية تنذر بعواقب وخيمة على السلامة العامة، وتطرح تساؤلات ملحّة حول فعالية الرقابة ومنظومة المسؤولية.
تتم عمليات التحويل هذه، في كثير من الحالات، خارج مظلة الجهات المختصة، حيث يقوم البعض وغالبًا دون أي شهادة مهنية أو ترخيص رسمي بتركيب أسطوانات الغاز ومعدات التشغيل داخل السيارات مقابل مبالغ تتراوح بين 800 ريال إلى 1200 ريال سعودي، بحسب نوع السيارة والمعدات المستخدمة. وتشمل هذه العمليات استخدام مكونات غير مطابقة للمواصفات، مما يفتح الباب أمام حوادث محتملة قد تؤدي إلى كوارث إنسانية وبيئية.
"كثير من الناس تبحث عن التوفير، ولا يهتمون بأنواع القطع الأصلية أو المضمونة، المهم أن السيارة تشتغل على الغاز وتقلل من صرف البنزين."
وبحسب مختصين في هندسة السيارات والطاقة، فإن التحويل السليم إلى الغاز يتطلب تصميمًا دقيقًا يتناسب مع نوع المحرك، وضبطًا إلكترونيًا حساسًا لضمان كفاءة الأداء، بالإضافة إلى فحص دوري منتظم لمراقبة مستوى الأمان. وغياب هذه العناصر في عمليات التحويل العشوائي لا يعني فقط تقليل كفاءة السيارة، بل يشكل خطرًا مباشرًا على الأرواح، خاصةً مع تزايد تقارير حوادث الاحتراق أو تسرب الغاز.
وتعاني الجهات الرقابية من صعوبات في الوصول إلى الورش الصغيرة والمناطق الطرفية، حيث تُجرى العديد من عمليات التحويل دون تسجيل أو توثيق، ما يخلق فجوة خطيرة في نظام التفتيش والتتبع. ويؤكد مراقبون أن غياب قاعدة بيانات موحدة للسيارات المعدلة بالغاز يعقّد من مهمة الرقابة والإنقاذ في حال وقوع الحوادث.
بين الحاجة الاقتصادية وغياب التنظيم الصارم، باتت عمليات تحويل السيارات إلى الغاز العشوائية بمثابة قنبلة موقوتة على الطرقات. فمع كل سيارة تم تعديلها بطريقة غير مدروسة أو باستخدام معدات غير مطابقة للمواصفات، تزداد احتمالات الانفجار، وتسرب الغاز، ووقوع حرائق، فضلًا عن الأضرار البيئية الناتجة عن الاحتراق غير الكامل.
ويُحذّر الخبراء من تجاهل هذه الأزمة، مشيرين إلى أن الحل لا يكمن في منع التحويل إلى الغاز، بل في تقنينه، ووضع آليات صارمة للترخيص والفحص الفني، وتوعية الجمهور بمخاطر التحايل على المعايير الفنية.
ويبقى السؤال المطروح بقوة:
إلى متى يستمر الصمت أمام هذه الفوضى الميكانيكية؟
وأين هي الخطط الوطنية لتأمين هذا التحول التقني الذي من المفترض أن يكون لصالح المواطن والبيئة، لا على حسابهما؟