مطلب تصويب مسار مجلس القيادة الرئاسي يهدد مصالح المتنفذين
في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، وفي خضم الصراع المستمر مع المليشيات الحوثية، برزت دعوة المكتب السياسي للمقاومة الوطنية، لتصويب مسار مجلس القيادة وتطبيق مبدأ الشراكة الوطنية، كخطوة وطنية مسؤولة تهدف إلى تعزيز وحدة الصف الجمهوري، وإنهاء حالة الإقصاء والتهميش لبعض القوى الوطنية الفاعلة، وإيقاف سياسة التمييز والتفضيل غير المبررة لبعض المكونات.
لكن المفاجأة أن هذه الدعوة، التي كان يُفترض أن تحظى بتأييد واسع من كل القوى الوطنية الحريصة على استعادة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي، قوبلت بحملة عدائية شرسة من قبل بعض الأطراف المتطرفة، التي لم يعجبها أن تُطرح مطالب تصحيحية تمس مكامن الخلل داخل مجلس القيادة الرئاسي. تلك الأطراف اختارت مهاجمة المقاومة الوطنية وقيادتها، بدلاً من دعم مسار وطني جامع يسعى لتقوية مؤسسات الدولة وتفعيل دورها.
لقد جاءت دعوة المكتب السياسي للمقاومة الوطنية استناداً إلى رؤية وطنية تسعى لتوحيد الجبهة الداخلية في مواجهة المليشيات الحوثية، وتنظيم عمل الدولة على أسس الشراكة والعدالة، ووقف حالة الاستفراد والتهميش التي تعاني منها بعض القوى. كان يفترض أن يُنظر لهذه المطالب باعتبارها مطالب تصحيحية وداعمة لمشروع استعادة الدولة، لكنها اصطدمت بمن لا هدف لهم سوى التشويش على أي صوت وطني يحاول تصحيح المسار، وتثبيت دعائم الدولة ومؤسساتها، ومحاربة الفساد والفوضى.
إن الحملة المضادة التي شُنت ضد المقاومة الوطنية وقياداتها تؤكد أن هناك أطرافاً باتت تستفيد من الوضع القائم، وترى في الفوضى والاختلالات الإدارية والسياسية والامنية والاقتصادية بيئة مناسبة لتنمية مصالحها الخاصة، بعيداً عن سلطة الدولة ومؤسساتها. هؤلاء يدركون جيداً أن تصحيح المسار وتوحيد الصفوف سيقود بالضرورة إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة الدولة، وفرض النظام والقانون، وهو ما يتعارض مع مصالحهم الحزبية والضيقة، التي تقتات على استمرار الوضع المختل وتُراكم النفوذ من خلال تحالفات مشبوهة ونشاطات خارج إطار الدولة.
لابد أن يعلم الجميع أن ما دعا إليه المكتب السياسي للمقاومة الوطنية ليس ترفاً سياسياً ولا مزايدة إعلامية، بل مطلب وطني ملحّ، يأتي في وقت حرج يتطلب من الجميع تغليب المصلحة الوطنية على المصالح الحزبية، والوقوف صفاً واحداً في معركة استعادة الدولة. ومن المؤسف أن يتحول من يطالب بتطبيق القانون والشراكة والعدالة وتفعيل مؤسسات الدولة إلى هدف لحملات التشويه، بينما يُترك العابثون والفاسدون يعبثون بمصير البلاد وحياة الشعب دون محاسبة. إن تصويب المسار ليس خياراً، بل ضرورة وطنية يجب أن يتفق حولها كل من يؤمن بالجمهورية والدولة ومشروع إنهاء الانقلاب واستعادة الدولة والجمهورية.