لجنة الحكم الذاتي الحضرمي: من التنظير إلى التغيير
إن جلب المنافع ودفع المفاسد لا يحتمل التأخير، بل هو واجب آنيٌّ لا يقبل التسويف أو المماطلة. فأوضاعنا المعيشية، وخدماتنا الأساسية، ومستقبلنا ومستقبل أبنائنا، لم تعد في مهبّ الريح فحسب، بل باتت في قعر الهاوية. أتحدث هنا عن حضرموت، عن الإنسان الحضرمي الذي يُقاسِي صنوف الإهمال والتهميش. لقد أصبح واضحًا أن هناك من يتعمّد الإبقاء على هذا الواقع المرير، وأن هناك من يصرّ على إبقاء القرار الحضرمي مرتهنًا، لا يُملك، ولا يُحرَّك إلا بإذن الغير. فإلى متى يظلّ الحضرمي تابعًا؟ وإلى متى يُعامَل كقطيع يُساق وفق أهواء الخارجين عن إرادة أهله؟! إن التحرر من هذا الاستبداد السياسي والتبعية المهينة لا يكون إلا بانتزاع القرار، واسترداد السيادة الحضرمية كاملة غير منقوصة. وكيف يتم ذلك؟ يتم عبر أقصر الطرق وأقواها تأثيرًا: الحراك الشعبي. لقد خطا حلف قبائل حضرموت خطوة تاريخية بتشكيل لجنة لصياغة وثائق الحكم الذاتي، وهي خطوة مباركة يجب أن تتعزز بالدعم الشعبي والجماهيري الواسع. فبدون التفاف الناس حول هذا المشروع المصيري، لن يكتب له النجاح، ولن يجد آذانًا صاغية من أي جهة كانت. لذلك، فإن تبنّي هموم المواطن الحضرمي ومعاناته اليومية في المعيشة والخدمات يجب أن يكون في صميم هذا الحراك. إن لجنة إعداد وثائق الحكم الذاتي يمكنها أن تكون القاطرة التي تقود الجماهير نحو التحرر وتقرير المصير، عبر مسارين متكاملين:
اولا : حراك جماهيري سلمي: يشمل الاعتصامات والمسيرات والمظاهرات وسائر وسائل الضغط الشعبية والمدنية، لانتزاع الحقوق ودفع الظلم والفساد.
ثانيا : تبنّي المطالب الاستراتيجية: وعلى رأسها مطلب الحكم الذاتي، كحق مشروع غير قابل للتأجيل أو التفاوض من موقع الضعف.
أما البقاء خلف المكاتب، أو انتظار دعم من خارج الحدود، فلن يثمر سوى مزيدٍ من الانتظار العقيم. فالحقوق لا تُوهب، بل تُنتزع.
وإن كانت لجنة وثائق الحكم الذاتي قد تصدّرت الصفوف، فلا بد لها الآن أن تترجم هذه القيادة إلى أفعال، فتكون في مقدمة الجماهير، وتلتحم بها، وتخوض معها معركة الكرامة والقرار.
يا أبناء حضرموت، لا تنتظروا من زيد أو عمرو أن يهبكم حقكم، فلن ينتصر لنا أحد ما لم ننتصر نحن لأنفسنا، ولن يُكتب لمطلبنا النجاح ما لم نتوحد خلفه وندافع عنه بكل الوسائل المشروعة.
ولنعلم أن النصر حليف من صدق العزم، والله غالب على أمره.