عندما يصبح النور أمنية : دعوة للتكافل في عدن

بقلم: د. مرسي أحمد عبدالله
لطالما كانت الكهرباء شريان الحياة ، وقود التقدم ، ومفتاح الراحة في عالمنا الحديث . بدأت الملاحظات الأولية عنها منذ آلاف السنين ، لكن الفهم العلمي العميق وتطبيقاتها العملية التي نراها اليوم تطورت بشكل كبير في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر على يد العديد من العلماء والمخترعين. عدن ، كغيرها من المدن ، واكبت هذا التقدم والتطور في حقب مضت ، مستفيدة من ثورة الكهرباء لإضاءة شوارعها وتشغيل مصانعها وتوفير سبل الراحة لسكانها .
ولكن ، عندما حكمها من أعمى البصيرة وأفسد، تغير الوضع . لم يكن التغيير نحو الأفضل كما كان ينبغي، بل للأسوأ ، لتغرق المدينة في ظلام الإهمال والمعاناة . مشهدٌ يؤلم القلب ، يعكس واقعًا مريرًا، يمكن لأي شخص أن يراه بأم عينه في سوق الحدادين بالزقط . هناك، أمام محلات إصلاح الشواحن والمراوح ، تتجلى صورٌ تدمي القلوب. رجال ونساء ، يحمل كل منهم إما مروحة عفى عليها الزمن تتوسل الإصلاح ، أو جهازًا بسيطًا يحاولون إحياءه .
شاهدتُ رجلًا كبير السن، يتصبب العرق من وجهه ، يحمل مروحة سقف متهالكة ، لكنها تبدو في عينيه كأنها مكيف يعمل بالألواح الشمسية. يتضرع للمهندس : "أرجوك، أصلحها لي" . تمنيتُ لو صورتُ المشهد ليعكس للعالم حجم المعاناة . 

هذا المشهد المؤلم ليس مجرد لقطة عابرة ، بل هو صرخة استغاثة تعكس واقعًا تعيشه آلاف الأسر في عدن ، حيث أصبحت الكهرباء رفاهية لا أساسية . أصبح البحث عن مروحة قديمة أو جهاز بسيط لتخفيف وطأة الحر مطلبًا يوميًا، ودليلًا على حجم الأزمة التي تعصف بالمدينة .
من هنا، أوجه رسالة إلى كل من أنعم الله عليه واستطاع توفير منظومة كهربائية خاصة ، أو أي حلول أخرى ، ولديه مروحة سقف أو مروحة طاولة أو جهاز شحن أو أي شيء استغنى عنه : ابحثوا عن محتاج لها وامنحوه إياها . أو حتى اذهبوا واجلسوا لحظات عند هذا المحل أو غيره ، وسترون بأعينكم أناسًا كثيرين يحتاجون لهذه الأجهزة .
دعونا نُحيي روح التكافل والعطاء . إن تبرعك بجهاز بسيط قديم قديم لا تحتاجه يمكن أن يحدث فارقًا كبيرًا في حياة أسرة ، يمنحهم قسطًا من الراحة في ظل حرارة الصيف القاسية، أو بصيص أمل في ظلام انقطاع التيار . فلنجعل من هذه الأزمة فرصة لإظهار أسمى معاني الإنسانية والتراحم .