اعتقال الزايدي في صرفيت، مؤشر خطير لتمدد الحوثي في الشرق

في واقعة بالغة الخطورة، ألقت القوات الأمنية في منفذ صرفيت الحدودي بمحافظة المهرة، القبض على القيادي الحوثي البارز محمد أحمد علي الزايدي، وهو عضو في المكتب السياسي للحوثيين، أثناء محاولته التسلل إلى سلطنة عمان، في عملية استخباراتية نوعية أعادت تسليط الضوء على ملف المهرة، بوصفها إحدى أكثر المناطق حساسية في الجغرافيا الجنوبية.

لم يكن الزايدي مجرد متسلل، بل شخصية محورية تحمل معها وثائق سيادية وأجهزة إلكترونية متطورة، وفق ما ذكرته مصادر إعلامية، الأمر الذي يشير إلى احتمالات كبيرة بأن العملية لم تكن سوى جزء من مشروع اختراق حوثي للخاصرة الشرقية من البلاد.

عقب اعتقال الزايدي، اندلعت اشتباكات مسلحة عنيفة بين القوات الجنوبية ومسلحين، من المؤكد أنهم على صلة بلجنة الاعتصام التابعة للمتحوث علي سالم الحريزي، المعروف بولائه لصنعاء وتورطه في نشاطات تهريب على الحدود الشرقية.

الهجوم على قافلة كانت تقل الزايدي نحو مدينة الغيضة، أسفر عن مقتل العميد عبدالله بن زايد، وإصابة عدد من الجنود، في تطورٍ نوعي يُظهر حجم التغلغل الحوثي داخل شبكات النفوذ المحلي.

تشير هذه العملية إلى أن المهرة لم تعد مجرد منطقة عبور، بل باتت في صلب معركة النفوذ والسيادة، لطالما استثمر الحوثيون في مساحات الهشاشة، ووجودهم اليوم في شرق البلاد هو مؤشر على طموحهم في تجاوز نطاق السيطرة التقليدي نحو مناطق أكثر استراتيجية، ترتبط بالحدود الدولية والمنافذ السيادية.

كما أن محاولة تحرير الزايدي بالقوة تُعد دليلاً على وجود خلايا محلية فاعلة تدين بالولاء للمليشيا، وهو ما يفرض على القوات الجنوبية، التعامل بجدية مع هذا التهديد المتنامي.

الحديث عن وثائق سرية وأجهزة اتصال متقدمة بحوزة القيادي الحوثي لا يمكن تجاهله. فهل كانت تلك الأدوات وسيلة تواصل مع جهات خارجية؟ أم أنها دليل على وجود تنسيق استخباراتي يجري في الخفاء؟

وفي الحالتين، المسألة تتجاوز عملية فرار فردي، لتلامس بنية عمل ممنهج داخل واحدة من أخطر المناطق على الخارطة اليمنية اليوم.

رسائل بالجملة

الرسالة الأولى جاءت من السلطة في المهرة، بأن الشرقية تحت عين رجال المهرة الجنوبية، ولن تكون ممراً آمناً للحوثي.

أما الحوثي، فقد أرسلها بدم، ليقول أن لدينا من يدافع عنا في عمق المهرة.

والمهرة بدورها ترد بقلق، هل نحن فعلاً خارج نطاق الحرب؟ أم أن المعركة وصلت إلينا أخيراً؟

اعتقال الزايدي لا يجب أن يُقرأ كنجاح أمني عابر، بل كإنذار مبكر لمعركة شرقية قادمة. 

المهرة التي كانت حتى الأمس بعيدة عن صخب المدافع، باتت اليوم في صلب المواجهة، ليس بالسلاح وحده، بل بالمعلومات والولاءات والتهريب والتغلغل الناعم.

ما لم تتعامل القوى الجنوبية، مع هذا الملف بجدية، فإن المهرة قد تتحول من خاصرة إلى ثغرة، ومن منفذ حدودي إلى ممر خطير لعودة الحوثي من الباب الخلفي.