برزخ الحرية
بقلم/ حسين السليماني الحنشي
يعيش العرب الأحرار على مشانق موزعة على طول وعرض بلادهم، ليس من الأجنبي ولكن من وكلاء الخارج المعادي منذ وجودنا على هذه الأرض.
حتى أصبحت صدورنا ممتلئة بالألم وتفيض بالاحزان، وعزائم البعض منا مهزومة تبحث عن سبيل للنجاة، وتعيش بإرخص الأثمان .
إن جغرافيا العرب قد امتلأت بدماء سكانها... فعلينا أن نسأل الجبال والكهوف والصحراء المميتة والبحار العميقة، التي تعرفنا مع رحلات الحرية، علينا أن نسأل عن طعامنا المخزون في مستودعات الذخيرة...
انظروا إلى الأعين البريئة في وطني التي تودع كل يوم طفولتها ولا تعلم السبب، اسألوا صناديق الانتخابات بالشمع الأحمر، التي مزقت ذاكرتنا بالشعارات الفارقة، وتذكروا وقوفنا في الأزقة والحارات، طوابير من أجل الرغيف، وهناك طوابير كثيرة تعايشنا معها، بينما كنا نحلم أحلام كثيرة، تم كتابتها بدفاتر تالفة وممزقة، والتي لاتستطيع أن تخط فيها أيدينا، ولا تكاد أوراقها أن تصمد...
أننا نعيش في ووطننا ولم نذوق طعم للحياة فيه، فكانت حياتنا بين انقلاب وتخوين، فصرنا بين أنياب الشر ومخالبه نعيش.
كان شبح الموت يرافقنا، فلم نعد نخافه، فأصبحنا نهفو إليه في سبيل الحرية والعدالة، فلا وحشة في قبور الأحرار، فهي رمزاً للعيش بكرامة، فوق الأرض وتحتها، فلا رحيل يحزننا ولا موت يخيفنا، ونحن نعيش حياتنا على أعتاب برزخ الحرية...
فهنيئاً للأحرار الذين من دمائهم تذيب صخور الظلم العاتية.
إن الرصاص الذي نراه ينخر أجساد الأحرار في ميادين الوغى، ما هي إلا سهام من نور تثقب جدران الظلم و الاستبداد.
فلن نستسلم إلى دهاليز الخوف واليأس الذي صنعها الظلمة والمستبدين، بل سنظل حتى الرمق الأخير، نزرع بذور الحرية ونرويها بدمائنا الحرة، سنظل نحفر بأظافرنا الهشة على جدار الحائط الاسمنتي الذي بنوه من قوت الشعب، ونضع ملصقات الزينة على صور من قضى نحبه في طريق الكرامة.
سنسير على الأشواك، وسنصنع أحذيتنا من جلود الجلادين، أنها حلاوة الكرامة التي تنسينا ألم المعاناة وتسقط فينا الخوف، وهذا هو الفرق بين من يحملون راية الحرية، وبين العبيد. إن من يحمل الحرية في صدره وفكره تتفتح أمامه نوافذ الأمل، على الرغم من الأرواح المُمزقة، التي أصابت كثيرا منهم الأسلاك الشائكة...
فهنيئا لها تلك العظمة والكبرياء التي ولدت بتلك النفوس لتكون حرة أبية، فعاشت حياتها تذود بأنفسها على أعتاب باب الحرية.