حين يصبح العطاء هوية والقيادة ميدانا للعمل كقائد وراشد

في زمنٍ ضجت فيه المنابر بالشعارات وتنازعت فيه الكراسي الألسنة قبل الأيدي، يطل علينا اسم يلمع وسط الركام كنجمة من نورٍ خالص.

المهندس قائد راشد أنعم، ذاك الذي لم يتخذ من منصبه جسرا للترف ولا بابا للتفاخر، بل حمل أمانة المسؤولية كما يحمل الجندي بندقيته في وجه العواصف، وكرس عمره وفكره وعرقه من أجل مدينة أحبها حدَّ العشق.

إنه الرجل الذي لا يكتفي بإدارة الملفات خلف المكاتب، بل يهبط إلى الميدان، يراقب حركة العمال، يشاركهم الهم والعرق، يزرع في وجوههم ابتسامة الثقة، ويغرس في شوارع عدن روحا جديدة كلما أنهكتها الفوضى. 

في كل موسم، في كل أزمة، في كل مناسبة، تجده هناك، لا تغيب عنه تفاصيل الشارع، ولا يتأخر عن استنفار طواقمه ليلا أو نهارا.

لقد صنع لنفسه سيرة عطرة بجهده العملي:

ـ رفع أطنان النفايات في مواسم الأعياد حتى تنفس المواطنون هواء نظيفا.

ـ شقّ طريقه بين مياه الأمطار في الليالي العاصفة لينقذ طرقات المدينة من الغرق.

ـ وقف على الكورنيشات والحدائق بعيون لا تعرف النوم، ليعيد لعدن وجهها الساحلي البهي.

ـ خاض معركته ضد الإهمال بالصبر والإصرار، حتى أصبحت جهوده حديث المجالس ووسائل الإعلام.

ليس غريبًا أن تحيط به قلوب العمال كالأب، وتقدره القيادات الأمنية والمدنية كالنموذج، وتلهج الألسنة بذكره حين يذكر الإخلاص. فهو لم يكن يوما موظفا عابرا، بل كان قيمة مضافة لعدن، رجلا يكتب سيرته بأفعاله لا بكلماته.

كيف لا نقدر رجلا حول الصندوق الذي يديره إلى خلية نحل تعمل بصمت وتنجز بجدارة؟

كيف لا نرفع له القبعة وهو الذي نذر ليله ونهاره ليغسل عن عدن غبار الإهمال؟

كيف لا نكتب عنه وقد أصبح عنوانا للوفاء، وصوتا للمدينة التي تعشق رجالها الصادقين؟

إن الحديث عن "قائد راشد" ليس ثناء عابرا ولا مجاملة بروتوكولية، بل شهادة حق لرجل جعل من القيادة فعلا ميدانيا، ومن الإدارة مدرسة تعلم الأجيال أن خدمة الوطن لا تختزل في شعارات، بل تصنع بالعمل، بالصبر، وبالحب الذي لا يعرف الكلل.

سلام عليك أيها القائد النبيل، سلام على خطواتك التي تركت أثرا طيبا في شوارعنا وحدائقنا.

سلام على قلبك الذي نبض بحب عدن حتى غدت سيرتك نموذجا يحتذى، وعنوانا للعطاء الصادق الذي لا يموت.

ستبقى شاهدا أن في عدن رجالا، لا يكلون ولا يملون، حتى تصبح المدينة أجمل وأنقى وأبهى.