خلدون السيد.. صوت الحزم وعقل الإدارة
حينما تنصت الأرض لصوت الخطى الثابتة، وتتنفس الجدران عبير النزاهة، ويقف الزمن احتراما لرجل لا يتحدث كثيرا، لكنه حين يتكلم تنصت له العقول قبل الآذان… فأنت أمام رجل يجيد الصمت كما يجيد القيادة، ويتقن فن الإدارة كما يتقن فن الإصغاء، إنه خلدون السيد، مدير القوى البشرية لقوات درع الوطن، الشعلة التي لا تنطفئ، والنبض الذي لا يهدأ.
ليس كل من جلس على كرسي القيادة قائدا ،ثمة رجال لا يحتاجون إلى مناصب كي يثبتوا عظمتهم، بل تتقزم أمامهم المناصب، وتتسع بهم مساحات التأثير، خلدون السيد، هو بوصلة تعيد الاتزان حين تختل الاتجاهات، وهو نهر من الحكمة لا يجف مع الأيام.
في أروقة مكتبه، لا تشتم رائحة التسلط، بل تتعطر القلوب بنسيم التواضع، الجنود يتقاطرون إليه بأوجاعهم، وقادة الألوية يلجأون إليه حين تشتد العقد، فلا يعود أحد منهم أدراجه إلا وابتسامة الرضا ترتسم على محياه، رجل لا يعرف الضجر، ولا تعنيه الراحة، فمنذ أن اعتنق الإدارة مهنة ورسالة، جعل على عاتقه أن يكون بوابة العدل، وعرين الإنصاف، وصوت من لا صوت له.
خلدون السيد، لا يرفع صوته، بل يرفع منسوب الثقة في نفوس من حوله، لا يحتاج إلى أن يثبت حضوره، فحضوره يفرض نفسه دون ضجيج، يتحدث بهدوء، لكن كلماته تسكن القلوب، وتترك أثرا لا يمحى، هو القائد الذي إن حضر، حضر النظام، وإن غاب، بقيت بصمته تشهد على نزاهته، قلما تجد مسؤولًا يحافظ على اتزانه الداخلي، ويظل وفيا لمبادئه، دون أن تهتز بوصلته.
خلدون السيد أحد أولئك القلائل الذين يديرون العمل بعين الحزم وقلب الرحمة ،لا يعرف الكلل، ولا يبدي تذمرا، بل يعمل بصبر المخلص، وبعزيمة الفارس، وبهدوء العارف ،فكان دأبه أن يرعى الجنود ويهتم بشؤونهم، ويعالج قضاياهم بعين القائد وضمير الإنسان.
الميزان عنده ليس السلطة، بل العدل، لا يفرق بين جندي وقائد، ولا يتوانى في بذل الجهد لإيجاد الحل وتسهيل الأمور، لأن فلسفته تقوم على أن الجندي المطمئن هو لبنة الانتصار، وأن الإدارة الناجحة هي من تعلي قيمة الإنسان.
إننا أمام شخصية فريدة تجسد المعنى الحقيقي للقيادة الإدارية الأخلاقية ،رجل لا يتسلق على أكتاف الآخرين، بل يضعهم على كتفيه ليرتفعوا، لا يبحث عن الأضواء، لكن الأضواء تتبعه، لأنه ببساطة… النور لا يخفى.
تحية إجلال وإكبار لهذا القائد النبيل، الذي أدار دفة الموارد البشرية لا بوصفه موظفا يؤدي مهام وظيفته، بل كمن يحمل على عاتقه مسؤولية وطن بأكمله.
تحية لخلدون السيد، الذي أثبت أن النزاهة لا تتعارض مع الصرامة، وأن التواضع لا ينقص من الهيبة، وأن القيادة ليست سطوة… بل خدمة ،وفي كل مرة نسمع فيها اسمه، ندرك أن الإدارة فن، وموهبة، وضمير حي.
خلدون السيد… تكتبك السطور بمداد الفخر، وتخلدك القلوب في أرشيف الامتنان.