بين البيان الرسمي وسخرية الواقع.. هل حقاً نجح التعليم؟
تابعت كغيري من المتابعين والمهتمين بالشأن التربوي والتعليمي، في المحافظات المحررة إعلان وزارة التربية والتعليم من العاصمة المؤقتة عدن، نتائج اختبارات شهادة الثانوية العامة بقسميها العلمي والأدبي للعام الدراسي 2024-2025م، والتي بلغت نسبة نجاح تقدر بـ: 84.10%.
وذلك خلال حفل رسمي كبيرة ومهيب، القى معالي وزير التربية والتعليم طارق العكبري كلمة هنأ فيها جميع الطلاب على النجاح وخص منهم أوائل الجمهورية في المحافظات المحررة، ولم يقف عند هذا الحد وحسب، لا نقل للحاضرين تهاني وتبركات رئيس مجلس القيادة، وكذا رئيس مجلس الوزراء، والكثير من كلمات التهنئة، وإشادات بالنجاح رغم "الظروف الاستثنائية".
لكن لحظة، عزيزي القارئ عن أي نجاح يتحدثون؟
يا لسخرية القدر، ويا لبشاعة المشهد! وزير التربية والتعليم يقف مزهواً، يعلن أسماء أوائل الجمهورية، في بلدٍ لم يجد فيه الطلاب مدرسةً تفتح أمامهم وتستقبلهم، ولا معلماً كي يدرسمه ويعطيهم علما ً، ولا كتاباً مقرراً في موعده، ولم يأخذوا من المقرر إلا نذر يسير في بعض المحافظات، أي تعليم هذا؟! وأي نجاح هذا؟!
إنه زمن أصبح فيه الغش ذكاءً، والتلاعب تفوقاً، والمحاباة تفوقاً دراسياً، وزير لم يكن يوماً معلماً، ولم يمضِ في دروب التربية والتعليم خطوةً حقيقية، يتحدث اليوم بملء فيه عن التفوق، وكأنه يعيش في دولة منضبطة مستقرة وفرت كل سبل الرفاهية للمعلمين والطلاب على حد سواء، لا في بلد أنهكته الحرب وأرهقه الفساد الإداري والمالي.
كيف يُعلَن عن أوائل الجمهورية وهم لم يتلقوا من العلم إلا الفتات؟! هل أصبح الفشل إنجازاً؟ وهل صار الغش طريقاً إلى منصات التكريم؟!
لقد وُضِع اليوم آخر مسمار في نعش التربية والتعليم، ولم يعد العلم نورٌ كما كانوا يعلمونا، ولا للمعلم هيبةٌ كتلك التي كانت له قبل، فسلامٌ على التعليم، وسلامٌ على الأمانة، ومرحباً بجهلٍ يُسوّق إلينا على أنه تفوق!
وفي الاخير عذراً أبنائي الطلاب فليس لكم في كل ذلك ذنب، عذراً لا أريد أن انتقص من جهدكم، وعذراً لا أريد أن أعكر عليكم فرحتكم في هذا التفوق الوقتي، ولكنها الحقيقة المرة والمؤلمة التي أنتم من عاش كل فصول مرارت ألمها.
كل التمنيات بالنجاح والتوفيق للجميع في حياتهم التعليمية والعملية..
ودمتم سالمين