شعب لا يعرف إلا الجروح
بقلم: حسين السليماني الحنشي
لم يرضى الشعب في الشمال والجنوب عن الحالة التي كان يعيشها تحت ظل الاستعمار والحكم الكهنوتي, فقام الشعب بثورات لا تتوقف، حتى وصل به الأمر إلى الكفاح المسلح، وانتزع من الاستعمار البغيض في الجنوب وطنه، ومن الحكم السلالي الكهنوتي في الشمال جمهوريته، كما أخبرونا في مادة ـ الوطنية ـ لكننا لم نرى على الواقع وطناً له سيادة ولا دولة تحافظ على منجزات الثورة.
وظلت هذه الصورة متكررة، وبأشكال متعددة...
فلا نعلم حينما خرجت الجماهير ثائرة، أكانت بوعيها أو فاقدة له؟
وهل كانت تعرف قادة الثورة، ولم تتخلى عنهم ؟
أم أن الأمر دبّر بليل... ؟
كيف للجماهير التي خرجت مسيرات حاشدة، والبعض منها في الخنادق يواجهون الموت في سبيل الحرية والعدالة والمساواة في الحقوق والواجبات الخاصة والعامة؟
واليوم ترى تلك الجماهير تقاتل بعضها البعض، وهي تعرف بعضها أيام الكفاح الوطني، وفي ساحات الاعتصام أو في خندق القتال من أجل الثورة، لكنها اليوم تلك الجماهير تقدم أرواحهها فداء لتكلك الأنظمة البائدة، وتراها لا ترضى للآخر أي حق يأخذه، ولا يمكن التعايش معه، فحملت السلاح ولم تتردد في إرتكاب الجرائم ضد جزء آخر من الشعب...
فكانت الحياة التي نعيشها لا يحسدنا أحد عليها.
حيث نبحث عن الجروح العفنة والحروق الملتهبة، فكانت الدماء تنزف والعيون تدمع والقلوب يعصرها الألم، حتى صار حلم ماتبقى من الجماهير الواعية، والتي لم تشارك في خراب وطنها، إن تهاجر من هذا الفيضان الذي لم يبقي لأحد العيش بسلام، إن الهجرة والعيش خارج الوطن، هي عذاب آخر يتجرعه الآخرون الذين لم يشاركوا في تدمير وطنهم، فعاش من كان في الوطن جحيم الوطن، وعاش من هاجر جحيم الغربة، فعاش الشعب في حياة مزرية كان سببها من قامت الثورة ضده، فكانت النتيجة النهائية ، العيش في ذل الاستعمار والحكم السلالي أو في ذل من باع الوطن بإسم الثورة!