ويسألونّك عن غزة.. قل أمر الله.

مؤسف إلا يرتقي الوعي الشعبي وربما النخبوي كما يدل عليه الخطاب السائد في قضية أحداث غزة الى المستوى الذي يجب أن يكون عليه، قضية واضحة جلية لم يعد الأمر فيها خاضعا للعرض على طاولة النقاش.

القضية واضحة هي حرب بين فسطاطين هما: فسطاط الإسلام، وفسطاط الصهيونية العالمية. فسطاط الإسلام شاء الله أن يحمل لوائه أبناء غزة جميعهم تقودهم حركة حماس، بعد أن تخاذلت الأمة كلها عجزا منها حقيقة، لا كما تدعي أن الوقت لم يحن بعد لهذه المعركة الكبرى، متذرعة بحجج 

يرى الكثيرون خطأ ماقامت به حماس، باعتباره لا ينطلق من منطلقات شرعية لمفهوم الجهاد، لأن الجهاد عبادة والعبادة لها شروطها.

أن هذه المنطلقات شرعية كما يراها هولاء تستند إلى الطريقة التي يسير عليه أهل الحديث والأثر، وتتبناها السلفية المعاصرة في وضع هذه المنطلقات ..
ولكن لو نظرنا إلى الواقع لن نجد هذه المنطلقات أو قل سسنتظر طويلاً وطويلا جدا حتى تتحق لنا شروطها ..
يجب أن نضع اعتبار الواقع .
ما يفعله رجال حماس حتى وأن اعتبرهم البعض بأنهم إخوان - وهي مسألة لنا توضيح حولها سنوردها في موضوعنا هذا - إلا أنه يجب أن نعتبره جهادا، فهؤلاء يدافعون عن أرضهم وعرضهم وحفظا للدين، النفس، العقل، النسل، والمال وهذه هي الكليات الخمس، ونحن نعرف عن هؤلاء أنهم يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله، وهذا هو المؤكد، ولا نعرف أشياء أخرى من قبل تشيع أو تصوف أو غيره، وهي أمور غير مؤكدة على الأقل على المجموعة التي قامت بهذه العملية المباركة
ولذلك نؤخذ بالمؤكد على غير المؤكد .
هذه نقطة، النقطة الأخرى أنهم يعلمون منذ البداية أن ليس باستطاعتهم إزالة هذا الكيان من على وجه الأرض في ظل الظروف والمعطيات الحالية الدولية والأقليمية وربما الداخلية.
إذن فكل ما يسعون إليه من وجهة نظري هو إلحاق أكبر ضررا بهذا الكيان وهز صورته أمام العالم والشعب الإسرائيلي الذي يعتقد أنه يعيش في أمان.
وأما بالنسبة لأهل غزة فهذا الكيان يمارس ضدهم بعملية مستدامة غير متوقفة سياسة الأرض المحروقة، وبالتالي ماسيحدث لهم غالبا هو وضع يعايشونه كل يوم.
لذا فالقول بتعريضهم دينهم وأرضهم وعرضهم ومالهم وارواحهم للشر.
فهذا يخالف الواقع جملة وتفصيلا لأن هذه الأشياء ليست مأمنة من الاسرائيلين بل هي عرضة للانتهاك والاستباحة في كل وقت، وهذا يقر به حلفاء اسرائيل أنفسهم.
غاية الجهاد هي إعلاء كلمة لا إله إلا الله،وهذا مانراه ظاهرا والحكم لا يجب أن يتعدى إلى السرائر التي لايعلم بها إلا الله.
والقول بأن غاياتهم سياسية لا شرعية.
فهذا ليس سببا لوقوعهم في المخالفات الشرعية كما يقال بل الأكثر احتمالا الحال التي هم فيها .. 
ولا يمكن لأي أحد أن يجزم بأن جيوش المسلمين منذ عهد خالد بن الوليد لم تكن تقع في هذا الخطأ.
ولن يجزم أحد أن كل من كانوا في جيوش الفتح كانوا على الشروط التي نطالب المقاومة الفلسطينية بتحقيقها للوقوف معهم .
أما فيما يخص علاقة المقاومة الفلسطينية بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين فهناك توضيح لهذه المسألة، حتى لا يأخذ المعارضون لجماعة الإخوان المسلمين موقفا سلبيا من الأحداث دون دراية ووعي، وفي المقابل حتى لا ينتشي الإخوان المسلمين في الأماكن الأخرى وينسبون نصرا لهم ليس لهم فيه من الأمر شيئا..
فالمقاومة الفلسطينية سواء كانت حماس أو الجهاد هي مقاومة هدفها فلسطين أولا.. وليس خيالات وأوهام الجماعة.

القضية ببساطة اختلاف في التربية بين إخوان فلسطين والإخوان في مناطق أخرى، والتربية هنا لا نعني بها المفهوم العادي لهذه اللفظة، بل المفهوم التنظيمي لجماعة الإخوان والذي يعتمد على التهيئة والبناء.
في فلسطين يتم كل ذلك من أجل هدف واحد وهو مواجهة العدو المعروف سلفا، ولا تكون لديهم أي أجندة أخرى لأنهم يدركون استحالة ذلك في وجود عدو لن يستطيعوا إلغائه من الوجود، ولكن يحاولون إلحاق أكبر ضررا به.
ويعلم كل إخواني في فلسطين أن روحه على كفه، ولذا فهو يريد أن يهبها في سبيل الوطن.
عكس ذلك التنظيم في أماكن أخرى والذي لديه طموحات هلامية من قبيل أستاذية العالم والسيطرة عليه. فهذا يحرث في خيال ويزرع فيه الوهم.
وكذلك أيضا يجب أن نضع هناك توضيحا للعلاقة بين الإخوان المسلمين وبين إيران، فمن يرى بأن هناك علاقة بينهما إنما هو واهم لأن هناك بعدا شاسعا بين المنهجين.. نعم قد يكون اتفاق موقت بينهما من أجل كسب مصالح في إطار سياسة فن الممكن، ومعطيات الواقع.
لكن لا يمكن أن يتفق المنهجان .. فهما خصمان لدودان..
كما أن اللمز بأن الحركة في قيادتها ( تصوف ) أو كانت نشأتهم كذلك، فهذا ليس مدعاة لعدم مساندتهم، ولنا أن نذكر بأن قائد جيوش صلاح الدين الأيوبي وابن عمه وزوج اخته هو من احتفل رسميا بالمولد النبوي وكانت في عهده الاحتفالات تقام على مستوى الدولة.
كما أن جيوش سعد في القادسية وجيوش المماليك المنتصرة على التتار وجيوش فاتحي بلاد ما وراء النهر وبلاد الأندلس لم تكن تخلو من الشوائب التي يغمز ويلمز بها المثبطون، جماعة حماس.