ليست حرب عسكرية بل حرب على كل الاتجاهات.

في لحظة غير عادية من الزمن وفي توقيت فارق ومفاجئ أعلن محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي استكمال نقل المنظومة المصرفية بالكامل إلى العاصمة المؤقتة عدن وأعلنت الحكومة برئاسة رئيس الحكومة سالم صالح بن بريك تشكيل لجنة إعداد ميزانية الدولة 2026 وتشكيل لجنة المشتريات وحصر كل المشتريات عبرها.

القرار ليس مجرد إعلان عابر بل قرار استراتيجي يعيد رسم المشهد الإقتصادي ويعيد تعريف مفاهيم الدولة والسياسة والنظريات النقدية ويعلن أن الدولة موجودة والجمهورية واقفة وقوف الجبال والمعركة في أوجها.

معركة لم نعد نملك فيها فائضا من الحياد ولا مكان فيها لأنصاف المواقف أو ضبابية الإتجاه ، إنها معركة جمهورية بكل مجالاتها إقتصادية ، عسكرية ، سياسية ، إعلامية لأن الحرب التي تقودها عصابة إيران الحوثية ليست حرب عسكرية  فقط، بل حرب على كل الإتجاهات على كل ما يمت للدولة والجمهورية بصلة ومنها العملة والإقتصاد والسياسة النقدية.

قد نقول أو يقنعنا تفكيرنا أننا حققنا تقدما في اتجاهين وأخفقنا في أخرى تقدمنا في المجال العسكري وإن كان مقيدا والآن في الجانب الإقتصادي ، العملة ، سعر الصرف ، الحفاظ على القيمة الوطنية للعملة وتعني الحفاظ على القيمة الجوهرية لمعنى الدولة ، السياسة والإعلام قد يكونان ما أخفقنا فيه حتى الآن وقد تتغير المعادلات فيتغير التقييم.

نقل المنظومة المصرفية بالكامل إلى العاصمة المؤقتة عدن، متبوعا بإجراءات حازمة وصارمة في الرقابة على شبكات ومحلات الصرافة مع إطلاق الشبكة المالية الموحدة بقيادة البنوك اليمنية التي اصبحت مقراتها الرئيسية في عدن كانت أولى خطوات التعافي واستعادة الدولة والجمهورية لروحها وموقعها.

الإجراءات الحكومية الحازمة والتصحيحية قد لا تكون نهاية المعركة بقدر ما هي بدايتها بداية معركة الحفاظ على الهوية الجمهورية ضد الهوية الفارسية الحوثية ، بداية معركة الحفاظ على الإقتصاد الجمهوري الوطني ضد الإقتصاد السلالي الإيراني ، بداية معركة النظام والقانون ضد الفوضى والعبث الهاشمي الإرهابي. 

إن كل خطوة إصلاحية تصحيحية هي ميلاد فجر جمهوري جديد هي تثبيت لهوية اليمن الجمهوري، في مواجهة المشروع السلالي الكهنوتي الذي يقسم الناس إلى طبقات سادة وعبيد والجغرافيا إلى إقطاعيات والمدن إلى حوزات لا وجود فيها للمفاهيم الوطنية والعدالة والمساواة.

ازاء كل ما تحقق تتزايد مخاوف الناس من تكالب لوبيات المصالح وشبكات المافيا النفعية المتغلغلة في مفاصل الدولة وفي عمق الشرعية لإفشال وتخريب وإفساد ما تحقق من خطوات إيجابية في المجال الإقتصادي وضبط سعر العملة وحصر المشتريات عبر لجنة خاصة في إطار تنفيذ الإصلاحات وسياسة الحوكمة

وهنا يتوجب على  الحكومة والبنك عدم التراجع وعلى الشعب إسناد الإجراءات الحكومية ومواجهة مصاصي الدماء.