"دموع ليست بريئة – الجزء الثاني"

بقلم: صفاء المليح 

لم يكن صباح القرية هادئًا كعادته… همسات غريبة تتناثر في الأزقة، ونظرات مرتابة تتبادلها النساء من خلف الأبواب. الكل يتحدث، لكن لا أحد يجرؤ على التصريح.

ريم وسمر وحنان لم ينمن طوال الليل. ما عرفنه عن ليان لم يكن أمرًا عاديًا. الأمر أكبر من مجرد أكاذيب أو قصص مختلقة… كان شيئًا يزلزل القلوب.

قالت ريم بصوت مرتجف:
– "أنا لا أستوعب… كيف عاشت بيننا كل هذا الوقت ونحن لا نعرف عنها شيئًا؟"
أجابت سمر:
– "كنا مخدوعات… البراءة التي نراها كانت مجرد قناع."

لكن أكثر ما حيّرهن: الدليل الذي ظهر فجأة. ورقة صغيرة وصلت إلى ريم بطريقة غامضة، تحمل كلمات قليلة فقط:
"إذا أردتن أن تعرفن حقيقتها… تعالين الليلة إلى بيت الطاحونة القديمة."

الطاحونة المهجورة في طرف القرية كانت مكانًا يخيف الصغار والكبار، لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه بعد الغروب. لكن الفضول كان أقوى من الخوف.

وفي تلك الليلة، اجتمعت الفتيات الثلاث عند باب الطاحونة. الرياح تعصف، وأصوات الليل تضج من حولهن. دفعتهن الجرأة إلى الدخول.

داخل الطاحونة، وُجد صندوق خشبي صغير. لا أقفال، فقط ورقة أخرى فوقه مكتوب عليها:
"السر هنا… لكن الحقيقة قد تغيّر كل شيء."

فتحت ريم الصندوق بيدين مرتجفتين، لتتفاجأ… بأشياء لم تتخيلها يومًا. صور… رسائل… وأسماء لم يكن ينبغي أن تُكتب أبدًا.

لم تنطق أي منهن بكلمة. تبادلن النظرات، وأدركن أن ما اكتشفنه ليس فقط سر ليان… بل فضيحة قد تهز القرية كلها.

لكن السؤال الذي ظل معلقًا في الهواء:
"من أرسل الصندوق؟ ولماذا الآن؟"

ليان في تلك الأثناء، كانت جالسة أمام نافذتها، تحدق في الظلام بابتسامة غامضة… كأنها تعلم تمامًا أين كنّ الفتيات، وماذا وجدن.

الرسالة:
الحقيقة قد تكون أقسى من الأكاذيب… وأحيانًا، كشف السر ليس نهاية الحكاية، بل بدايتها.

✍️ بقلم: صفاء المليح