بين الحضور الذهني والتلعثم السياسي: مقارنة بين ردّي الشرع وممداني
بقلم: _منصور بلعيدي_
في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتقاطع فيه السياسة بالإعلام، تصبح لحظة الرد أداة قياس حقيقية لقوة الشخصية وعمق الفكر.
وفي مشهدين متباينين، ظهر الفرق جليًا بين الرئيس السوري أحمد الشرع وعمدة نيويورك زهران ممداني، حين واجها سؤالين مستفزين من صحفية أمريكية يهودية خلال مناسبتين مختلفتين في البيت الأبيض.
*ممداني.. تلعثم أمام فخ السؤال*
عندما واجه عمدة نيويورك زهران ممداني سؤالًا مباشرًا من الصحفية حول وصفه السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بـ"الفاشي"، بدا عليه الارتباك والتردد. السؤال كان واضحًا، لكنه محمّل بالنية لاختبار ثبات الموقف السياسي.
وبينما حاول ممداني التهرب، تدخل ترامب ساخرًا: _"ولِمَ التهرب؟ قلتها وانتهى الأمر."_ ، في إشارة إلى ضعف موقف ممداني وتردده في مواجهة الإعلام.
*الشرع.. ثبات في الموقف ودهاء في الرد*
في المقابل، واجه الرئيس السوري أحمد الشرع سؤالًا أكثر استفزازًا حين سألته الصحفية ذاتها بلغة تنضح بالاتهام: _"حدثنا عن ماضيك عندما كنت إرهابيًا؟"_ ، محاولةً إحراجه أمام عدسات الإعلام العالمي.
لكن الشرع، المعروف بذكائه السياسي وحضوره الذهني، لم يتردد لحظة. بل جاء رده هادئًا، حادًا، ومباشرًا:
"الإرهابي من قتل 60 ألفًا من الأبرياء في غزة، نصفهم أطفال ونساء. الإرهابي من دمر العراق وقتل أكثر من مليون من شعبه من أجل النفط. الإرهابي من أباد شعبًا كاملًا ليحتل أرضه. هل اتضح لك الآن من هو الإرهابي؟"
بهذا الرد، قلب الشرع الطاولة، وحوّل السؤال من فخ إلى منصة لإدانة الجرائم الحقيقية، مستندًا إلى وقائع دامغة، ومسلّطًا الضوء على ازدواجية المعايير في الخطاب الإعلامي والسياسي الغربي.
*الفرق بين الموقفين.. أكثر من مجرد إجابة*
ما بين تلعثم ممداني وثبات الشرع، تتجلى الفوارق بين من يملك أدوات الرد السياسي ومن يفتقر إلى الحنكة في مواجهة الإعلام.
فالأول بدا مترددًا في الدفاع عن موقفه، بينما الثاني استثمر السؤال ليعيد توجيه البوصلة نحو قضايا عادلة، ويكشف زيف الخطاب المزدوج.
في عالم السياسة، لا يكفي أن تكون على حق، بل يجب أن تكون قادرًا على التعبير عن هذا الحق بثقة ووضوح.
وهذا ما فعله الشرع، حين واجه الاتهام بالمنطق، والافتراء بالحقيقة، والخبث بالثبات فغلب الطاولة على راس صاحبها.
#_دولة_الجنوب_العربي


