ونجح الرئيس في إعادة ترتيب أوراقها

بقلم: عمر الحار

ثمة مؤشرات إيجابية توحي بنجاح تحركات فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي، على أكثر من صعيد، إذ أعاد تدفق شرايين الحياة إلى مختلف مكوّنات الشرعية وقواها السياسية والوطنية، مدركًا أهمية هذا التحرك المدروس وفي التوقيت المناسب، رغم اشتداد مثبطات المرحلة وتعقيداتها البالغة.

اعتمد الرئيس على سياسة النفس الطويل في إدارة التحديات، متعاملًا معها بحذر محسوب، بما يضمن إحداث ثغرة في جدارها الدولي الصلب، وإعادة قدر من التناغم بين أركان الدولة الأساسية، ودفعها نحو أعلى مستويات التكامل، بما يعزز صمودها ويساعدها على رسم خارطة طريق جديدة للنجاة، بعيدًا عن نزق السياسة العمياء التي تعيق محاولات النهوض بالعمل الوطني، وتعرقل جهود استعادة دوره المؤثر.

وهكذا فرض فخامة الرئيس الدكتور رشاد العليمي أبجديات حضوره على الطاولة السياسية، دافعًا بقوة إلى قلب مشهد المتغيرات المقبلة.

وتتجلى ملامح هذا الحراك النشط في مؤشرات عدة، أبرزها تحسن نسبي في سعر العملة الوطنية، واستعادة جزء من ثقة الشارع بالاقتصاد الوطني، بعد نجاحه الباهر في اختيار رئيس الحكومة الجديد، حيث أحسن انتقاء دولة الدكتور سالم بن بريك، أحد الكفاءات الوطنية المشهود لها في الإدارة المالية والاقتصاد. 

كما أسهمت لقاءاته المكثفة مع الجهات الاقتصادية والدولية في تأسيس مرحلة من التماسك المالي الذي كان مفقودًا بفعل تراكم الأزمات وتشابكها.

وجاء لقاؤه بمكونات التكتل الوطني للأحزاب بمثابة إحياء لمسار التوافق الوطني، حيث استعرض معهم الخطوات اللازمة للانتقال من حالة الركود السياسي إلى ديناميكية الفعل الوطني الموحد، القائم على الشراكة الحقيقية وتحمل المسؤولية الجماعية، بعيدًا عن المناكفات التي أرهقت الدولة وأخّرت عجلة التعافي.

وقد جسّد هذا اللقاء نهجًا ديمقراطيًا جديدًا في إدارة الحوار السياسي، قائمًا على الانفتاح العقلاني والتشاور الهادئ الرصين، ما أعاد الروح إلى العمل الحزبي الرسمي، وفتح آفاقًا واسعة أمام عملية التوافق الوطني، مهيئًا الأرضية للبناء عليها في الملفات الكبرى، وعلى رأسها الملف الاقتصادي واستحقاقات المرحلة السياسية والدستورية المقبلة.

إن تحركات "العليمي" أفرزت زخمًا متجددًا يوحي بأن البلاد تقف على أعتاب منعطف جديد، تتقاطع فيه الإرادة السياسية مع نبض الشارع وتطلعاته، وهو ما يفرض على جميع المكونات، بلا استثناء، تغليب المصلحة العليا للدولة، والتخلي عن الحسابات الضيقة، وتحقيق الاصطفاف الوطني الصادق إلى جانب الرئيس، دعمًا لجهوده في إدارة ملفات المرحلة بمرونة واقتدار، استعدادًا لتجاوز تحدياتها المصطنعة في المستقبل القريب.