فتحي بن لزرق.. صوت الضباحى والطفارة ومخازيق الجيوب
منذ سنوات، ظل فتحي بن لزرق حاضرًا في وجدان الشارع اليمني كصوت حقيقي للفقراء، للضباحى والطفاره ومخازيق الجيوب، أولئك الذين طحنهم الغلاء وأثقل كواهلهم الفقر حتى باتوا بالكاد يجدون ما يسد رمقهم. لم يكن مجرد صحفي ينقل الخبر، بل كان شاهدًا على الوجع، ناقلًا معاناة الناس بجرأة، ومترجمًا صرخاتهم إلى حروف تقرع أبواب السلطة وتضعها في مواجهة مسؤولياتها.
عبر صحيفة عدن الغد التي أسسها، وراديو عدن الغد، وصفحاته النشطة على منصات التواصل الاجتماعي، جعل من الإعلام منبرًا للفئات المسحوقة، وفتح نوافذ للناس كي يعبروا عن همومهم دون خوف. لم يقتصر الأمر على النشر والمتابعة، بل كان مكتبه في صحيفة عدن الغد ملجأً دائمًا للمظلومين والمستضعفين، رجالًا ونساءً، الذين يلجؤون إليه حاملين قضاياهم وأوجاعهم. هناك، إما يكشف تلك القضايا للرأي العام، أو يتواصل مع المسؤولين لإيجاد حلول، مسهمًا في معالجة مشكلات كثيرة لمواطنين لم يجدوا من يساندهم في رد مظالمهم أو إيصال صوتهم وشكواهم.
ويشهد له كثيرون بأنه من القلائل الذين جعلوا المجلس الرئاسي والحكومة والبنك المركزي أمام محك الإصلاحات الاقتصادية العاجلة. ومن أبرز محطاته مؤخرًا لقاؤه بمحافظ البنك المركزي، حيث كشف للرأي العام حجم الكارثة التي تعصف بسعر الريال اليمني وأثرها المباشر على حياة المواطنين. لم تكن تلك مجرد مقابلة، بل كانت لحظة فارقة دفعت إلى تحركات رسمية ملموسة، أسفرت عن تحسن كبير في سعر الريال أمام العملات الأجنبية، وانخفاض ملحوظ في أسعار السلع، وزيادة وعي الناس بأهمية الرقابة الشعبية على الصرافين والسوق السوداء والمتلاعبين بالأسعار في الأسواق والمحلات التجارية.
إن نضاله وكفاحه من أجل هؤلاء البسطاء لم يذهب سدى، بل ترك أثرًا حيًا، وأعاد للناس الإحساس بأن صوتهم يمكن أن يصل، وأن الصحافة، إذا التزمت ضميرها، قادرة على صنع التغيير ولو بخطوة في الطريق الطويل.
ولذلك، باسم الضباحى والطفاره ومخازيق الجيوب، وباسم كل مواطن يمني، أقول: سلام عليك يا فتحي يوم وُلدت، ويوم تموت، ويوم تُبعث حيًا.