ظاهرة تحتاج وقفة… لماذا نرهق البار ونعذر العاق؟
بقلم: سناء العطوي
في كثير من البيوت، تتكرر مشاهد غريبة في تربية الأبناء والتعامل معهم.
نرى الابن البار، الذي يحرص على رضا والديه ويقدم لهم وقته وجهده، يُعامل أحيانًا بقسوة أو بتحميله ما لا يحتمل، بحجة أنه صبور ويتحمل.
وفي المقابل، نجد الابن العاق أو المهمل تُلتمس له الأعذار وتُبرر أخطاؤه، بل أحيانًا يُعطى الأولوية في الاهتمام والوالدين.
هذه الظاهرة، وإن كانت غير مقصودة في الغالب، إلا أنها تخلق فجوة كبيرة في المشاعر. فالابن البار قد يشعر بالخذلان، ويتساءل في داخله: هل طيبتي وبِرّي أصبحت سببًا لإهمال مشاعري؟ وفي الجانب الآخر، قد يزداد الابن العاق تماديًا إذا وجد أن عواقب أفعاله تُقابل دومًا بالتبرير والمسامحة.
ربما يكون الدافع وراء ذلك خوف الوالدين من خسارة الابن العاق، أو محاولة احتوائه كي يعود إلى الطريق الصحيح.
لكن الخطأ يكمن في أن يكون ذلك على حساب الابن المطيع، الذي يحتاج هو الآخر للدعم والتقدير، لا أن يُترك ليحترق بصمته.
العدل بين الأبناء ليس خيارًا، بل هو واجب شرعي وأخلاقي.
فقد أوصى النبي ﷺ بالعدل بينهم حتى في الهدايا والعطايا، فما بالك بالمشاعر والمعاملة؟ الإنصاف يزرع في القلوب الطمأنينة، ويجعل البر عادة متوارثة، بينما الظلم يزرع في النفوس الجفاء وربما التمرد.
علينا أن نعيد التفكير في طريقة تعاملنا مع أبنائنا، وألّا نجعل الصبر والبر سببًا لتحميل الابن المطيع فوق طاقته، وألا يكون الخوف من العاق دافعًا لتمييزه على حساب غيره.
فالتوازن في الحب والعدل هو ما يصنع أسرة سليمة ومتماسكة.
الكاتبة : سناء العطوي