التغيرات المناخية تضرب لحج و عدن

لحج (أبين الآن) أنسام عبدالله
أفاق الناس في محافظتي لحج وعدن جنوب اليمن يوم امس السبت 23_8_2025 على وقع سيل "الوادي الكبير" القادم من لحج ، و المدمّر .. ليصل منسوبه إلى مستوّ عالٍ متجاوزا كل ما يعترضه من استحداثات بشرية، و وصل إلى شواطئ عدن "البريقه"، وسط ذهول المواطنين و عجزهم على التعامل مع الكوارث التي خلفها .
وهنا وجب توضيح الأمر للعامة حتى يكونوا على دراية كافية بما يحدث ..إذ كثرت التأويلات الإعتيادية من الناس لتفسير هذه الظواهر المناخية "المتطرفة" التي تضرب اليمن عموما في السنين الأخيرة..
اليمن تعتبر من أكثر الدول تعرضا لآثار التغيرات المناخية المتزايدة في العقد المنصرم، على الرغم من كونها ليست المتسبب الرئيسي في حدوث هذه التغيرات المناخية التي تضربها بشكل مباشر ..من حيث الجفاف القاسي أو التحول الملفت إلى أمطار قوية وسيول جارفة وفيضانات، أو حتى غمر "السواحل" المرتقب !
إن أحد أهم أسباب التغيرات المناخية أيها السادة هو ظاهرة الإحتباس الحراري نتيجة تصاعد المزيد من الغازات الدفيئة الناتجة عن حرق المزيد من الوقود "أنشطة بشرية" وبالأخص غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يُحبس في طبقات الجو مؤثرا برفع درجة حرارة الجو و هو ما شاهدناه على شكل جفاف قاسي في العام الماضي ضرب مساحات زراعية واسعة ، وأثر على منسوب المياه الجوفية في بعض الأماكن الأشد تضررا مثل المديريات الجبلية في أبين الذين اضطر بعض أهلها إلى هجرتها بحثا عن "شربة ماء " ..من ناحية أخرى زيادة تبخر الماء من المسطحات المائية وتكون بخار ماء كثيف ينعكس على شكل أمطار قوية مسببة سيول وفيضانات .
كما أن تراجع المساحات المزروعة سبب من أسباب اختلال توازن ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، والتي تناقصت لصالح البناء العمراني .
وهنا نتذكر قول الله سبحانه وتعالى ( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) .
"أسباب بشرية" .
سيول لحج التي أغرقت الحسوة يوم أمس كشفت كمية هشاشة كبيرة اتسمت بها المناطق التي دمرها السيل، سواء من ناحية ضعف البنية التحتية أو تهالكها، أو الجهل وقلة الوعي بالبناء في مجرى السيول المرسوم منذ مئات السنين . حيث استخف الناس بالأمر وبنوا هنالك متناسين أن "السيل يعرف طريقه" .
لم تكن سيول يوم أمس هي الأولى من نوعها.. فقد سبقتها سيول المحافظات الشرقية، كما أنها لن تكون الأخيرة ، إذ أن التغيرات المناخية في تزايد وتضرب الشرق الأوسط بشكل كامل ..
إن الأمر بات ملحا لعمل خطة طوارئ وطنية لتدارك آثار التغيرات المناخية المتزايدة، سواء بتحديث البنية التحتية أو بمساعدة المواطنين على التكيف والنجاه من هذه الآثار ..كذلك على المواطنين التصرف بوعي أكثر فالأمر قد تغير الآن، و لا يمكن التعامل معه عند حدوث الكارثة فقط و التدخل للإجلاء !!
كذا المسؤولين الحكوميين في وزارة الزراعة ومكاتبها في مختلف المحافظات عليهم التصرف بحجم الخطر المحدق بالأراضي الزراعية فقد جرفت الآف الهكتارت منها تحت وقع السيول والفيضانات، حيث كانت غالبا بفعل استحداث مصدات وبوابات لاعتراض مياه السيول لري أراضي أخرى متناسين أن تجمع مياه السيول "الهادرة" ضررها مدمر كما شاهدنا جميعا أمس في لحج وعدن ..
ملايين الدولارات تُصرف في سبيل مشاريع منظماتية يتخبط بعضها في العشوائية في محاولة مواجهة التصحر والجفاف، كان الأولى تخصيص جزء منها لإنشاء "مركز إنذار مبكر" في كل محافظة مرتبط بمركز عملياتي توعوي لتجنب آثار التغيرات المناخية .
لكن ..لم يفت الأوان بعد !
ولنتعلم من الأخطاء جميعا مسؤولين ومواطنين ، سواء بمواجهة التغيرات هذه أو بالتكيف معها، فهي لم تعد مجرد مفهوم أكاديمي يتم تداوله في اجتماعات العارفين بالأمر ! بل وقائع كارثية يجب الإستعداد لها والتعامل معها، مالم فإن التغيرات المناخية المقبلة ستكون فادحة ولا تحمد عقباها .