قشور الرمان من مهمل زائد إلى كنز عائد
بقلم: حسن الكنزلي
في كل موسم للرمان؛ تمتلئ أسواقنا اليمنية بهذه الفاكهة البديعة التي ذكرها الله في كتابه الكريم: ﴿فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ﴾ [الرحمن: 68].
يتسابق الناس لشرائها، ويتلذذون بحباتها الحمراء الشهية، ثم ما يلبثون أن يرموا قشورها في القمامة وكأنها لا تساوي شيئاً.
لكن هل تعلم أن ما ترميه بيدك هو في الحقيقة صيدلية طبيعية، ومستحضر تجميلي، ومشروع اقتصادي، وحل بيئي، وتراث إنساني؟!
فقشور الرمان تحمل في داخلها مركبات قوية كالبوليفينول والفلافونويد، وهي مضادات أكسدة تحارب الشيخوخة والسرطان.
ومغلي القشور يوقف الإسهال ويعالج اضطرابات المعدة والقولون.
وتخفّض الكوليسترول الضار، وتحمي القلب والشرايين.
وتساعد مرضى السكري في ضبط مستويات السكر.
وتعزز المناعة وتقوي العظام بفضل غناها بالكالسيوم والفوسفور.
بكلمات أبسط: قشور الرمان دواء مجاني، موجود بين أيدينا؛ لكننا لا نستفيد منه!
لم تكن جداتنا مخطئات حين استخدمن قشور الرمان في وصفات التجميل:
- فللبشرة استخدمن مسحوق القشور مع العسل أو اللبن لتنقية الوجه من الحبوب وتفتيح لونه.
- واستخدمنها لمكافحة الشيخوخة؛ إذ يعيد للبشرة شبابها ويؤخر التجاعيد.
- وللشعر استخدمن مغلي القشور ليقوي الجذور ويمنع القشرة ويزيد اللمعان.
- وللفم والأسنان استخدمن مسحوق القشور لتبييض الأسنان والقضاء على رائحة الفم الكريهة.
إنها بديل طبيعي وآمن عن كثير من المستحضرات الكيميائية التي نصرف فيها أموالا طائلة.
وفي عالم تتزايد فيه الحاجة إلى مصادر دخل إضافية؛ يمكن لقشور الرمان أن تفتح أبوابا واسعة أمام الأسر المنتجة:
- كتعبئة مسحوق القشور وبيعه كعشبة طبية.
- وكصناعة صابون طبيعي وأقنعة تجميلية جاهزة للتسويق.
- وتحضير شاي أعشاب صحي للتنحيف والمعدة.
- واستخدامها في صبغ الأقمشة والجلود.
- وتحويلها إلى سماد عضوي أو إضافتها للأعلاف الحيوانية.
إنه مثال حي على الاقتصاد الدائري: تحويل المخلفات إلى موارد، وتحويل ما كان يُرمى إلى مصدر رزق كريم.
عندما نرمي القشور، نحن نزيد من حجم النفايات ونساهم في تلوث البيئة؛ لكن حين نعيد تدويرها ونستثمرها؛ فإننا:
- نقلل المخلفات العضوية.
- نستغني عن المواد الكيميائية الضارة في الزراعة والتجميل.
- نساهم في بناء بيئة نظيفة واقتصاد أخضر مستدام.
وإذا نظرنا في عادات الشعوب سنجد:
- في الهند يستعمل الطب الأيورفيدي قشور الرمان في علاج الالتهابات.
- وفي إيران تُستخدم القشور المجففة لعلاج مشاكل المعدة.
- وفي المغرب تدخل في وصفات التجميل التقليدية.
- وفي اليمن والجزيرة العربية كانت القشور علاجا للإسهال ومطهرا للجروح.
إنه إرث مشترك بين الشعوب، أعادوا به الاعتبار لما نعتبره مجرد بقايا.
وحين نرمي قشور الرمان؛ فإننا نمارس شكلا من أشكال التبذير، والله تعالى يقول: ﴿وَلا تُبَذِّرْ تَبذِيرًا(26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ(27)﴾ [الإسراء].
أما استثمارها؛ فهو صورة من صور شكر النعمة، وامتثال لقول النبي ﷺ: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء» [رواه مسلم].
وقشور الرمان ليست مجرد بقايا طعام؛ بل إنها:
- دواء شافٍ يحمي الصحة.
- جمال طبيعي للبشرة والشعر.
- فرصة اقتصادية تفتح أبواب الرزق.
- حل بيئي يحد من التلوث.
- وإرث ثقافي جمع بين حضارات العالم.
وقد حان الوقت أن نغير عاداتنا، ونحوّل "القشور المهملة" إلى "كنوز مثمرة"؛ أن نحول "الزائد' إلى "عائد"!
وفي المرة القادمة حين تتلذذ فيها بالرمان؛ تذكّر أن النعمة لا تنتهي عند الحبة الحمراء، بل تمتد إلى القشرة التي تحيط بها! فاستثمرها لنفسك، ولأسرتك، ولمجتمعك، وبيئتك..!