معلمو أبين.. إلى متى الانتظار؟
لا يختلف اثنان على أن التعليم يمثل حجر الأساس في بناء الإنسان والمجتمعات، فمنذ أن تعلّم آدم الأسماء كانت البداية الأولى لمسيرة العلم التي لم تتوقف عبر التاريخ. التعليم هو الركيزة الكبرى التي ارتقت بها أمم عديدة، بعضها بلا ثروات طبيعية تُذكر، لكنها بلغت مصاف الدول المتقدمة بفضل اهتمامها الجاد بالعملية التعليمية وتقديرها للمعلم.
المعلم – أو المربي – هو العمود الفقري في هذه المنظومة، إذ يقع على عاتقه إعداد الأجيال وتقويم المجتمع، ولهذا حظي بالاحترام والتقدير في القوانين والنفوس المتحضرة. حتى في زمن الرئيس الراحل علي عبدالله صالح، ورغم التجاذبات السياسية، كان للمعلم نصيب من الاهتمام عبر قانون المعلم، واستمرار صرف العلاوات، والتوظيف في سلك التربية، فضلاً عن عدم المساس براتب المعلم باعتباره "قوت الجهال".
أما اليوم، وفي زمن "اللا دولة"، تراجع كل شيء، وانتشر الفساد، وانهارت العملة، وارتفعت الأسعار، وتأخرت الرواتب. وجد المعلم نفسه محاصراً في زاوية ضيقة، ما اضطر النقابات التربوية إلى رفع صوت الإضراب، لكن بشكل متقطع وغير منسق؛ فمعلمو عدن في وادٍ، ومعلمو حضرموت في وادٍ آخر، وكذلك الحال في أبين وشبوة ولحج.
ورغم أن بعض المحافظين أدركوا معاناة المعلمين فخصصوا لهم حوافز شهرية متفاوتة (عدن، حضرموت، شبوة، المهرة، لحج)، بقي معلمو أبين خارج الحسابات. وفي شهر رمضان الماضي قدّم الرئيس القائد عيدروس الزبيدي دعماً عاجلاً يقدر بـ 173 مليون ريال لمعلمي أبين، صُرف لمرة واحدة بواقع 25,600 ريال لكل معلم. فرح المعلمون بالمبلغ على أمل استمراره كحافز شهري، لكنهم اكتشفوا لاحقاً أنه مجرد مساعدة مؤقتة وليست بادرة من محافظ أبين كما اعتقد البعض.
إن تخصيص مبلغ لا يتجاوز 173 مليون ريال شهرياً كحافز للمعلمين في أبين ليس بالأمر المستحيل، بل هو أقل بكثير مما يجنيه قائد عسكري واحد من نقطة جبايات في المحافظة. وهو مبلغ كفيل بأن يخفف من معاناة المعلمين ويعيد شيئاً من كرامتهم، ويدفع بالعملية التعليمية إلى الأمام.
اليوم تتوجه الأنظار نحو محافظ أبين، اللواء أبوبكر حسين:
هل يتخذ القرار الشجاع ويلحق معلمي أبين بركب زملائهم في المحافظات الأخرى؟
هل يمنح "المربي" حقه الطبيعي ويعيد له مكانته المستحقة؟
الجواب بيد المحافظ... فهل يسعد قلوب المعلمين هذه المرة؟