التمثيل السياسي والشفافية والرقابة مفاتيح غائبة في مأساة اليمن

في ظل واقع يمني مثقل بالحروب والانقسامات، لم تعد الأزمة محصورة في إيقاف نزيف الدم أو التوقيع على اتفاق سياسي مؤقت. ما تحتاجه اليمن اليوم يتجاوز المسكنات العابرة، ويستلزم إصلاحًا جذريًا لبنية الدولة، يبدأ من إعادة الاعتبار للتمثيل السياسي العادل، ويمر عبر بوابة الشفافية، ولا يستقيم دون منظومة رقابية مستقلة وفاعلة.
إن غياب التمثيل السياسي الحقيقي أفرز نخبة سلطوية منفصلة عن هموم الشارع، تعمل لحساب مصالحها الضيقة، وتحتكر القرار السياسي والاقتصادي. فغالبية القيادات، سواء في مراكز السلطة أو على هامشها، باتت تهيمن على القطاعات الحيوية: من البنوك وشركات الصرافة، إلى المستشفيات والمدارس الخاصة، في وقت يعاني فيه المواطن من الفقر والتهميش، وقد فقد صوته في معادلة الحكم. 
أما الشفافية، فقد تحولت إلى شعار أجوف. الموارد تُنهب، والإيرادات تُدار في الظل، دون حد أدنى من الإفصاح أو المساءلة. المليارات تتبخر في دهاليز الفساد، فيما يُعطل دور البنك المركزي في استلام الأموال ومراقبتها. هذا الواقع يكشف حجم الفجوة بين مؤسسات الدولة ومصالح المواطن.
الرقابة كذلك ليست سوى وهم لا حقيقة. فالأجهزة الرقابية، إن وجدت، فهي إما تابعة للسلطة أو مغيّبة بالكامل، ما جعل الفساد منظومة مترسخة لا مجرد سلوكيات فردية. هذا الواقع المرير يُثبت أن الإصلاح الحقيقي لا يمكن أن يتحقق إلا عبر إعادة تأسيس مؤسسات الدولة على أسس من العدالة والشفافية، مع تفعيل دور الرقابة المستقلة كدرع حقيقي لمكافحة الفساد.