الموت السريري للمواطن… خدمات مفقودة..رواتب مؤجلة.. وسوق بلا رحمة.
بقلم: نجيب الداعري
في وطنٍ أنهكته الأزمات وتكالبت عليه الأوجاع، يعيش المواطن حالة يمكن وصفها بـ "الموت السريري"؛ فلا خدمات تضمن له أبسط مقومات الحياة، ولا رواتب تقيه جوع الحاجة، فيما تواصل الأسواق نهش ما تبقى من قدرته على الصمود. إنها معاناة يومية تختزل واقعاً مريراً، عنوانه الظلام، والفراغ، والانكسار.
لقد تحولت الخدمات الضرورية من كهرباء وماء وصحة إلى "رفاهية" بعيدة المنال، بعدما كانت حقاً مكفولاً. فالانقطاعات الطويلة للكهرباء لا تعطل تفاصيل الحياة اليومية فحسب، بل تهدد حياة المرضى وتفسد المواد الغذائية، مضيفة عبئاً صحياً ومادياً لا يُطاق. أما المياه والصحة فقد غابتا عن المشهد، لتكتمل مأساة المواطن الذي بات عيشه مغامرة محفوفة بالمخاطر.
وتتفاقم الأزمة مع تأخير صرف رواتب القطاعين المدني والعسكري للشهر الرابع على التوالي، ما جعل عشرات الآلاف من الأسر تعيش حالة شلل مالي تام. فكيف يُطلب من الموظف أن يؤدي عمله بإخلاص، أو من الجندي أن يحمي وطنه، وهو عاجز عن توفير لقمة العيش لأطفاله؟ إنها معادلة مقلوبة تهدد بانهيار العقد الاجتماعي بين المواطن والدولة.
يضاف إلى ذلك الغياب التام للرقابة الفعلية على الأسواق، وهو ما فتح الباب أمام بعض التجار لممارسة أبشع صور الاستغلال، عبر رفع أسعار السلع الأساسية بشكل جنوني، في ظل سوق خالية من الضمير والوازع الأخلاقي. ليُترك المواطن فريسة سهلة في مواجهة جشع لا يعرف الرحمة.
ختاماً.. صرخة تحذير:
إن بقاء المواطن في هذه "الغيبوبة" ليس مجرد أزمة معيشية، بل قنبلة موقوتة تهدد بانفجار اجتماعي واسع. فالشعوب حين تُحاصر في قوتها وكرامتها، لن تبقى صامتة طويلاً، والنتائج عندها ستكون خارج سيطرة الجميع.
وللحديث بقية...