الوطن الذي لا يموت

بقلم:  سناء العطوي 

الوطن ليس مجرد أرضٍ نعيش عليها، بل هو الروح التي تسكننا حتى ونحن بعيدون عنه.
هو الذاكرة التي لا تُمحى، والنبض الذي لا يخفت، مهما تقادمت الجراح وتعبت الخطوات.
الوطن هو عدن حين تشرق على بحرها شموس الأمل، وهو اء أبين حين يهمسُ النخل في أوديتها بأنّ الصبرَ جذرُ الحياة، وهو لحج حين تُزهرُ بساتينها وتغني الأرضُ فيها أغنية العشق الأولى.

في كل شبرٍ من تراب الجنوب حكاية، وفي كل وجهٍ من وجوه أهله عزيمةٌ لا تلين.
نختلفُ في الأيام، ونتباعد في الطرق، لكننا نلتقي دائمًا عند اسمٍ واحدٍ هو الوطن.

وما أجمل ما قال الشاعر العدني لطفي جعفر أمان:

 بلادي هواها في لساني وفي دمي
يمجِّدُها قلبي ويدعو لها فمي

كأنّ عدن تتحدث بلسانِ كلّ محبٍّ لا يبدّلها ولو تبدّل العالم.

وفي أبين، حيث يلتقي البحر بالجبل، كان الشعر شاهدًا على الصمود، يقول ابنها مطهر الإرياني:

 أنا يا جنوبَ الحُبِّ والأنغامِ والوترِ
زرعتُ فيك الأملَ الباقي على خطرِ

كلماتٌ تُشبه أرض أبين: خصبةً حتى في وجعها، صامدةً حتى في نزفها.

ومن لحج، أرض الفن والنغم، ينبضُ صوت الشاعر الكبير أحمد فضل القمندان، الذي جعل من الوطن لحنًا خالدًا، فقال:

 يا جنوبَ القلبِ يا موطنَ الهوى
فيك الحياةُ وإن قسى الدهرُ وانحنى

تغنّى القمندان بالوطن كما يتغنّى العاشقُ بحبيبته، فكان شعره جسرًا بين الأرض والروح، بين الماضي والحلم.


يا وطني•••
نحن أبناؤك الذين لم يبدّلهم التعب، نحملك في قلوبنا كما يُحمل النور في ليلٍ حالك.
نمشي على دروبٍ متعبة، لكنّ الأمل فيك لا يموت.
فما زال في صدورنا وطنٌ لا يُهزم، وفي أعيننا غدٌ لا يُطفأ،
وما زالت عدن تبتسمُ رغم كل شيء،
وما زالت أبين تغرسُ في الأرض أغنيةَ الحياة،
وما زالت لحج تُنشدُ للغد بأصواتِ مبدعيها.

فكنْ كما كنتَ دائمًا، جميلًا رغم الألم، قويًا رغم الجراح،
فالوطن الذي يسكن القلوب… لا يموت.

   الكاتبة: سناء العطوي