غزوة مؤتة - في غــ ـزة!
بقلم: حسين السليماني الحنشي
يسعى الإنسان دائمًا إلى التمتع بالملذات والراحة، لكن الظروف أحيانًا تفرض عليه التعامل مع التحديات. عندما جاء رسول الله كرسول للبشرية، لم يعلن الحــ ـرب كما فعل العديد من القادة، بل دعا إلى السلام، الذي ينبع من اسم الإسلام الذي جاء به. لكن القوى المحيطة به عارضته، وكذلك الدويلات والإمبراطوريات الكبرى في ذلك الوقت، واليوم، تتشابه الأوضاع، حيث تسطر غــ زة أعظم البطولات والصمود، وتظل رايتها مرفوعة رغم العدوان الذي لا يمكن تصوره! يستمر أهلها إلى جانب المقاومين في مواجهة العدو بإيمان قوي، مما أدى إلى إلحاق الهزيمة النفسية بجنود العدو، وهو ما يتجلى في العقيدة التي أظهروها في مواجهة الظلم والعدوان.
كما كان الحال في معركة مؤتة، حيث كان هناك فرق شاسع في العتاد بين الطرفين، لكن الإيمان والصمود كانا حاضرين في مؤتة، حيث قدموا أروع صور الثبات في المعركة، وكذلك أهل غــ زة سطروا عقيدتهم بدمائهم أمام العالم أجمع.
وقعت غزوة مؤتة بالقرب من الأردن، بين المسلمين والروم والغساسنة، حيث كانت الروم تدعم الغساسنة في ذلك الوقت. كانت المعركة قريبة من غــ زة، لكن اليوم تواجه غــ زة الكـ ـيان الصــ ـهـ يـ ـوني الغاصب ومن خلفه العرب والعجم! كان سبب غــ ـزوة مؤتة هو قـ ـتل رسول النبي محمد صلى الله عليه وسلم، بينما سبب الحرب على غــ زة هو رغبتها في الحرية مثل باقي شعوب العالم، أرادت وطنها ومقدساتها، أرادت "الحياة"، فاندلعت ضدها حــ رب مفتوحة، شملت الحصــ ـار والتجويع إلى جانب الأسلحة الفتاكة، وإمداد العــ ـدوان بأسلحة تدميرية أخرى.
خاضت غــ زة وأهلها هذه المعركة، وقدمت أفضل ما لديها من الرجال، فكانت حربًـ ـا تعلم العدو فيها أعظم الدروس والعبر. شهد العالم من هو المجرم والمعتدي، وخرج طوفــ ـان بشري من حيث لم يتوقع العدو، إلى جانب من شاركهم من طغاة العالم. هذا الطوفــ ـان البشري التحرري وضع الميزان أمام حكامه، فأخضع دولًا، وتحركت الأساطيل البحرية نحو غــ زة دون خوف، مما أجبر صناع القرار في السياسة الغربية على الاستجابة لمطالبها بوقف الحــ رب التي لا يرغب بها هؤلاء المجرمون، فتاريخهم دموي عبر العصور. ولا تزال الراية خفاقة في غــ زة، يحملها الأبطال!