" بين الأمس واليوم "..
بقلم: د. عبد الكريم الوزان.
حينما يتقادم الزمن تظهر أحداث وتتضاءل أخرى، وتتجلى مواقف وتختفي غيرها، وكما يقول المثل العراقي "نعيش ونشوف".
على سبيل المثال لا الحصر إن الهم والحزن كان يواجه بالإيمان والقناعة والبصيرة. والزوجة كانت تحرص على إرضاء أم زوجها طمعا بالحفاظ عليه، على العكس ما نلمسه اليوم، فالعمة تتحايل على زوجة إبنها حرصا على وداده.
وكانت حالات الطلاق نادرة ومعيبة، وليس كاليوم يتم تزويج "الصبية " في الصباح وفي اليوم التالي يحصل الفراق .
وأما الجيرة فقد كان الجار مكملا لجاره في المناسبات والمصير والأسرة وصدق المشاعر. والمعلم كان يحمل كثيرا من التجارب الحياتية والحكمة والرصانةً والزهد والثقافة.
والعائلة قبل انفتاح العالم إتصاليا وظهور الانترنت، تجتمع يوميا في صالة الدار أو أحد غرفه، فتزداد مودتهم ويتقارب فهمهم. أما في أيامنا هذه فكأنهم غرباء تحت سقف واحد منعزلين عن بعضهم البعض يتواصلون مع عالم غريب وخطير. وقس على ذلك قدر طعام العائلة آنذاك، حيث كان يجتمع أفرادها حوله وهم راضون قانعون، لكن اليوم تجد "دلفري" مطاعم لكل واحد منهم .
واذا حدثتكم عن الوطن فربما يتحير فكري ، ويتعثر نابل قلمي ، وتنهمر دموعي في المآقي كالسيل الجارف. وبخاصة لمن غادروا أوطانهم وعاشوا في الشتات بغض النظر عن الأسباب. فقد كان الوطن يعني: النفس والأم والأب والضمير و أرواحنا هي الوطن.وكل هذا وذاك غيض من فيض.
بلاشك ثمة عوامل عديدة تتحكم في كل هذا وذاك منها: التربية الأسرية، الايمان، الوعي، برامج وسياسات الدولة، القوانين الوضعية العادلة، والتمسك بالعادات والتقاليد الحية المتوارثة .
" اللهم ارزقنا البصيرة لنرى بها نور الحق، وقنا شر زلات العقول وشر الغرور، وشر هوى النفس، وأن نخلد إلى الأرض، وأفتح لنا دروب الهداية والتوفيق ".. اللهم آمين .