السعودية واليمن.. مواقف خالدة ودعم لا ينقطع
بقلم: فضل القطيبي
تمثل العلاقة بين المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية نموذجًا متفردًا للروابط الإقليمية المتجذرة، التي تجمع بين الجوار الجغرافي، والتاريخ المشترك، والامتداد الاجتماعي والثقافي.
وفي ظل التحديات التي يعيشها اليمن منذ سنوات، برزت المملكة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، كأكبر داعم إقليمي من خلال جهود إنسانية واقتصادية وتنموية متواصلة تهدف إلى دعم استقرار اليمن وتحسين ظروف شعبه.
قدّمت السعودية دعمًا اقتصاديًا مباشرًا لليمن عبر عدة حزم مالية كبيرة، شملت وديعة في البنك المركزي اليمني بأكثر من ملياري دولار، إضافة إلى دعم للميزانية العامة بمبلغ تجاوز 1.2 مليار دولار عام 2023م، لتمكين الحكومة اليمنية من دفع رواتب الموظفين وتغطية النفقات التشغيلية وتعزيز الأمن الغذائي.
وفي عام 2024م أُعلنت حزمة دعم إضافية بقيمة 500 مليون دولار، وتعهّدت المملكة في عام 2025م بتقديم 368 مليون دولار ضمن إطار دعم الموازنة وتحفيز الاستقرار الاقتصادي والنقدي في اليمن.
أما على المستوى التنموي، فقد أنشأت المملكة البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، الذي يتولى تنفيذ مشاريع حيوية تخدم المواطن اليمني في قطاعات أساسية كالصحة والتعليم والمياه والطاقة والزراعة والنقل.
وشملت تدخلاته بناء وتجهيز المستشفيات، وإنشاء المدارس، وتأهيل الطرق، وحفر الآبار، وتوفير محطات الكهرباء والوقود. ويكمن جوهر هذا البرنامج في تحسين جودة الحياة وتعزيز التنمية المستدامة بما يدعم قدرة اليمن على النهوض بإمكاناته المحلية.
كما لعبت السعودية دورًا محوريًا في الجانب الإنساني عبر مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، الذي قدّم آلاف الأطنان من المساعدات الغذائية والطبية والإيوائية، إلى جانب تمويل مشروع "مسام" لنزع الألغام، الذي أنقذ آلاف الأرواح من خطر الألغام المزروعة عشوائيًا.
وفي 19 أكتوبر 2025م، تم توقيع اتفاقيتين تنمويتين ومذكرة تعاون جديدة بين البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن والحكومة اليمنية، تضمنت تقديم دعم اقتصادي مباشر لتغطية عجز الموازنة العامة وتعزيز استقرار العملة وتحفيز الإصلاحات المالية، ما يعكس مستوى الثقة والتنسيق بين الجانبين، ويؤسس لشراكة تنموية استراتيجية بعيدة المدى.
ورغم استمرار التحديات في اليمن — من نزاعٍ مسلح، وانقسامٍ مؤسسي، وتدهورٍ في البنى التحتية — فإن استمرار المملكة في دعم اليمن يجسد التزامها الثابت تجاه أمن المنطقة، ويعزز فرص تحقيق الاستقرار والسلام الدائم.
فالدعم السعودي لا ينطلق من مسؤولية سياسية فحسب، بل من قناعة استراتيجية راسخة بأن أمن اليمن جزء لا يتجزأ من أمن شبه الجزيرة العربية، وأن الاستثمار في تنميته هو استثمار في مستقبل المنطقة بأكملها.
وفي الختام، يتقدّم الشعب اليمني، قيادةً وحكومةً وشعبًا، بخالص الشكر والتقدير والامتنان لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، على ما قدّماه ويقدّمانه من دعمٍ صادق ومواقف أخوية ثابتة، ستبقى خالدة في الذاكرة اليمنية، وشاهدة على وحدة المصير المشترك بين البلدين والشعبين الشقيقين.