حرية التعبير .. حق دستوري لا مِنّة من أحد
إن الحرية التي يتمتع بها المواطنون في مناطق سيطرة فصائل الشرعية، سواء كانوا إعلاميين أو كتاباً أو حقوقيين أو مواطنين عاديين، ليست منحة ولا هبة ولا تفضلاً من أحد، بل هي حق قانوني ودستوري أصيل كفله النظام والقانون والدستور لكل مواطن يمني. فحرية التعبير ليست امتيازاً يمنح، بل هي أساس من أسس الدولة المدنية الحديثة، وركيزة من ركائز النظام الجمهوري الديمقراطي الذي ارتضاه اليمنيون منذ قيام ثورتهم.
ومن المعيب والمستغرب أن نسمع بين الحين والآخر بعض المسؤولين أو الإعلاميين أو الوسائل الإعلامية التابعة لأي حزب أو فصيل من فصائل الحكومة الشرعية وخاصة في مدينة تعز وهم يتفاخرون أو يتبجحون بالسماح للإعلاميين والصحفيين والناشطين بممارسة حقهم في التعبير عن الرأي. وكأن هذا الحق منّة أو تفضلاً منهم، وليس واجباً تفرضه القوانين والأنظمة وتقره المواثيق الوطنية والدولية.
إن حرية التعبير ليست مجالاً للمفاخرة السياسية أو وسيلة للمقارنة بين مناطق الشرعية ومناطق سيطرة المليشيات الحوثية التي تمارس القمع وتكميم الأفواه، فالشرعية ينبغي أن تكون نقيضاً للاستبداد، ونموذجاً لاحترام الحقوق والحريات، لا نسخة مخففة منه. والمناطق الخاضعة للحكومة الشرعية يفترض أن تكون النموذج في احترام الحقوق والحريات، وأن تجسد قيم الجمهورية والديمقراطية التي ناضل اليمنيون من أجلها وقدّموا التضحيات الجسيمة في سبيلها.
وعلى الجميع أن يدرك أن الشعب اليمني بأكمله يناضل ويكافح ويضحي منذ أكثر من عقد من الزمن من أجل استعادة حريته وكرامته وجمهوريته وديمقراطيته التي انتهكت وسُلبت. وما تبقى من هذه المكتسبات في مناطق سيطرة الشرعية هو حرية الكلمة، التي يجب أن تُصان وتُحمى بالقانون، لا أن تُقدم كمنة أو تُستخدم كشعار إعلامي.
إن واجب كل مسؤول وقيادي في صف الشرعية أن يُدرك أن الحفاظ على حرية التعبير واحترام الرأي والرأي الآخر هو جوهر النظام الجمهوري وروح الدولة المدنية المنشودة والمعيار الحقيقي لشرعية أي سلطة، وأن تمكين الناس من قول الحقيقة لا يُضعف الدولة، بل يُقويها، لأن الدول تُبنى على العدالة والشفافية، لا على القمع والمصادرة.


