انطباعات تأملية في رحلة تصحيح نظر طبية
بقلم: حسن الكنزلي
بحمد الله وفضله، وبما سخّره لعباده من علم يهدي الأبصار والأفكار، أجريتُ عملية تصحيح النظر بالليزر، لم تكن مجرد تجربة إجراء طبي؛ بل رحلة مدهشة في رحاب نعمة الله وعظمة تسخيره!
كنت أظنها عملية بسيطة: شعاع يُسلَّط على العين وتنتهي القصة؛ لكن حين خضت التجربة، أدركت كم في هذا الشعاع من أسرار! وكم في العلم من آيات تُبهر القلب قبل البصر!
دخلت غرفة العمليات وأنا بكامل وعيي، مستسلما للسكينة التي أشاعها الطبيب في أجواء الغرفة.
كان الدكتور عادل الشوافي — استشاري طب وجراحة العيون — مثالا للطبيب الخبير المطمئن؛ تُرى على وجهه أخلاق العلم وطمأنينة التجربة؛ يشرح كل خطوة بوضوح وإقناع قبل أن تبدأ العملية، ويزرع الثقة في النفس بكلماته الهادئة ونبرته الواثقة.
قبل العملية؛ لم يُخفِ شيئا؛ بل أوضح لي كثيرا من التفاصيل؛ مدى البساطة والسهولة، وما الذي سأشعر به، ومتى ستتحسن الرؤية..؟ كان حريصا أن أفهم قبل أن أُقدم، وأن أُقدم وأنا مطمئن؛ فشعرتُ أنني في يد طبيبٍ يرى في مهنته رسالة قبل أن تكون مهنة.
وعندما بدأت العملية؛ كانت الدقة والإبداع عنوانها. لم أشعر بخوف أو قلق؛ بل بشيء من الدهشة الممتعة! كنت أرى الأضواء تتحرك في فضاء سحريّ أمام عينيّ، وكأن نجوما صغيرة تُعيد ترتيب بصري، بينما صوت الطبيب يهمس بثقة: "الآن نحن ننظّف العين" ، "الآن ندلّك تدليكا خفيفا"، انتهينا من الخطوة الدقيقة"... كان يرافقني في تلك اللحظات بطمأنينةٍ تُغني عن كل مهدّئ.
ثم جاءت المفاجأة الكبرى؛ حين شاهدت لاحقا فيديو يشرح تفاصيل العملية! فوجدت ما جرى لعينيّ مطابقا تماما لما رأيت في ذلك الفيديو؛ فأدركت حينها عظمة هذا الإنجاز الإنساني الذي علّمه الله لعباده: ﴿عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ﴾ [العلق: 5]. والأعجب من كل ذلك أني بعد العملية بدأت أرى الدنيا بعيونٍ جديدة! لوحات لم أكن أستطيع قراءتها؛ إلا عن قرب، فأصبحت واضحة من بعيد! تفاصيل كنت أجهل وجودها؛ أصبحت أمامي كأنها تنطق بالجمال! وأدركت كم كنتُ محروما من النعمة دون أن أشعر!
ووالله ما شعرتُ بعمق هذه النعمة؛ إلا بعد أن استعدتُها! فكانت لحظة الرؤية الأولى بعد العملية سجدةَ امتنان صامتة لله الذي أعاد إليّ النور!
وأمام هذا الخير الذي يسّره الله؛ لا يسعني إلا أن أُثني بالشكر على من كان سببا بعد الله في هذه التجربة الفريدة: الدكتور عادل الشوافي، رمز الإتقان والأخلاق، ومستشفى البرج الاستشاري لطب وجراحة العيون، بعدن، الذي قدّم ويسّر هذه الخدمة المتميزة بأسعار شبه مجانية مقارنة بما تُكلّفه العملية خارج البلاد؛ حيث تصل تكلفتها إلى آلاف الدولارات! ولأخوة فضلاء كان لهم أثرهم البالغ في تحقيق هذه النعمة! ومن لا يشكر الناس لا يشكر الله؛ فالحمد لله أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا، الذي سخّر لنا العلم، والضوء، والدواء، والإنسان الذي يُحسن صنع كل ذلك بإتقانٍ ورحمة!
وسبحان من جعل من شعاع الضوء شفاء، ومن العلم عبادة، ومن الإحسان رسالة تُضيء القلوب قبل الأبصار.
كتبت هذا؛ لا ترويجا لشخص أو جهة؛ بل حمدا وثناء على الخالق وشكرا للخلق، وإشادة وتنبيها ودلالة على خير ويسر بين أيدينا نجهله؛ فكم من محتاج غير عالم بمثل هذه الفرصة المهمة المتاحة في بلادنا رغم أوضاعها! وتغنينا عن مزيد من العناء نحن في غنى عنه!
أصلح الله البلاد والعباد! وهداني الله وإياكم سبيل الرشاد! ودامت سلامة الجميع!


