سيف اليافعي قصة تهزّ القلوب الحية

خمسة عشر عامًا من الانتظار، خمسة عشر عامًا من الدعاء،  والرجاء
خمسة عشر عاماً من الحلم بقدوم مولود، حتى أشرق بيتهم أخيرًا بنور الطفلة التي طالما تمنّاها الفقيد سيف قاسم صالح اليافعي وزوجته.

كانت الفرحة لا توصف، فاليوم الذي حلم به طويلاً قد جاء، قطع عمله واخذ إجازة مفاجئة، وأخذ يجهّز الهدايا، ويختار لها الثياب الصغيرة بيديه المرتجفتين من الفرح، لم يكن يريد شيئًا سوى أن يحتضنها، أن يسمع أول بكائها.

لكن القدر كان أسرع من الحلم، استقل باص صقر الحجاز متجهًا نحو حضن طفلته، لكن الطريق خطف الحلم، وأحرق الفرح، وترك خلفه وجعًا لا يُطاق، رحل سيف اليافعي قبل أن يرى ملامح مولودته، قبل أن يسمع صوتها الأول، رحل وترك قلبًا مكسورًا، وزوجة مكلومة، وطفلة لم تعرف بعد أن أول حبٍّ لها في الدنيا رحل قبل أن يضمّها.

اللهم ارحم الفقيد سيف قاسم اليافعي، واجعل مولودته نورًا في قبره، وسببًا لرفع درجاته في الجنة، اللهم ألهم أهله وذويه الصبر والسلوان.
إنا لله وإنا إليه راجعون.


هذه ليست مجرد قصة واحدة، بل وجع وطنٍ بأكمله، قصة الفقيد سيف قاسم اليافعي التي هزّت القلوب ليست سوى خيط من نسيجٍ مليء بالآهات، في ذلك الباص المحترق كانت أرواح بريئة تحمل أحلامًا مؤجلة، وآمالًا لم تكتمل، وأمنيات تنتظر العودة إلى الأهل والأوطان.

كل مقعدٍ في ذلك الباص يحمل حكاية، وكل اسمٍ من ضحاياه له حلمٌ توقف في منتصف الطريق، ومع كل لهبٍ من نار العرقوب، اشتعلت في القلوب صرخة تقول: أين كان الدفاع المدني؟ وأين سيارات الإطفاء؟ وأين الاستعداد لمواجهة مثل هذه الكوارث؟

إنها ليست فاجعة القدر وحده، بل فاجعة الإهمال والتسيّب، فاجعة ضميرٍ غاب عن أداء واجبه.

رحم الله الضحايا جميعًا، وأسكنهم فسيح جناته،
ولعل في دموع الأمهات والزوجات والأطفال ما يوقظ فينا إنسانيتنا قبل أن تُحرق مرة أخرى مع كل باصٍ جديد، في ذات الطريق..


 ودمتم سالمين

 *د. فوزي النخعي مع تصرف يسير في قصة سيف اليافعي من الفيس بوك..