الإعلامي محمد عبد الرحمن الشعيبي.. حنجرة الضالع التي لا تصمت
في ميسرة الإعلام الميداني،يقف محمد عبد الرحمن الشعيبي شامخًا، ليس مجرد ناقل للخبر، بل حنجرة معذبة تردد أنين "الضالع" المكلومة. إنه ليس إعلاميًا يجلس خلف زجاج مكاتب باردة، بل هو نبض يجري في شرايين المدينة، ومذياع يصدح بـحقيقة موجوعة تُقتلع من قلب الأحداث العاصفة.
لقد اختار الشعيبي أن يكون قنديلًا في ظلمة الأيام، وأن يغادر الروايات الرسمية الجوفاء ليغوص في عمق المأساة الإنسانية. تقاريره ليست مجرد سطور، بل هي صور مرسومة بمداد الدموع، تروي حكايات المواطن الضالعي الذي أنهكته الأيام وشظايا الحرب.
مرآة الوجع الضالعي: الغوص في أعماق الإنسانية
إن القاسم المشترك في سيرة هذا الإعلامي الميداني هو التزامه القدسي بقضايا مجتمعه. كل تقرير يخطه هو مرآة صافية تعكس تفاصيل العذاب اليومي. إنه يمثّل نموذج الإعلامي الذي يخلع رداء الحياد الزائف ليحتضن قضية شعبه:
همسات الأنين: يركز على القصص التي تشعل القلب: أزيز الألم في صدور المرضى الذين لا يجدون دواء، عقبات الطرقات الوعرة التي تقطع أوصال الحياة، وصعوبة الخدمات التي تحيل العيش إلى جهاد يومي. تقاريره تلامس شغاف القلب وتُحيل الواقع إلى شعور حي.
توثيق الظلم القاسي: لم يتوانَ عن أن يكون شاهد عيان لا يطرف على انتهاكات الميليشيات، يوثق اللحظات التي تتناثر فيها الأرواح وتُدمّر المنازل وتُحرق المزارع. إنه يقوم بدور المؤرخ الأمين للوجع، فاضحًا الممارسات التي تزرع الخوف والألم في تربة السكان.
المصداقية المضرجة بالواقع: كونه متجذرًا في الأرض وبين الناس، يمنح تقاريره ثقل الجبال وصدق الأنبياء. كلماته تكتسب مصداقية لا يمكن لغيره أن ينالها، فهو يكتب بـحبر المشاهدة المباشرة لا السماع البعيد.
القبول الاجتماعي: مفتاح القلوب المغلقة
إلى جانب احترافيته التي لا تُساوم، يتمتع محمد الشعيبي بـسجية طيبة وأخلاق رفيعة جعلته مقبولًا ومحبوبًا بين أفراد الضالع. هذه الصفات ليست هامشية، بل هي الجسر الذهبي الذي مكّنه من الوصول إلى القلوب والقصص الأكثر حساسية وعمقًا. فـدمَاثة أخلاقه هي مفتاحه لـ"صندوق أسرار" المجتمع، وبناء جسور الثقة المتينة مع مصادره. إنه يجسّد مقولة أن الإعلامي الحقيقي هو أولًا إنسان، ثم حامل رسالة، يُبصر بعين قلبه قبل عين كاميرته.
المخضرم الذي سطر اسمه بالصمود
إن وصف "المخضرم" الذي يُطلق على محمد الشعيبي هو وشاح فخر يُهدى لـخبرة راسخة وتأثير عميق. مهما كُتب من كلمات الثناء، يبقى أداؤه المهنّي وتركيزه الثابت على القصة الإنسانية الجريحة هو أبلغ دليل وأصدق حديث. إنه النموذج الذي يُضيء الطريق للإعلاميين، نموذج يضع صوت مجتمعه ومعاناته على عرش الأولويات، مستخدمًا أدواته ليكون الصدى المدوي لمن ابتلعته مرارة الصمت في زمن القسوة


