وأتوا البيوت من أبوابها دعوة قرآنية للوضوح والنزاهة في معالجة القضايا

بقلم:_منصور بلعيدي_

في عالم تتشابك فيه المصالح وتتعقد فيه القضايا، يظل القرآن الكريم منبعاً للحكمة ومصدرًا للتوجيه السليم. 

ومن بين الآيات التي تحمل دلالات عميقة تتجاوز ظاهر النص، قوله تعالى:
*{وأتوا البيوت من أبوابها واتقوا الله لعلكم تفلحون}* (البقرة: 189).

 المجاز القرآني... بوابة للفهم العميق
الآية الكريمة، وإن بدت في ظاهرها دعوة لدخول البيوت من أبوابها، إلا أنها تحمل في طياتها مجازًا بلاغيًا راقيًا، يدعو إلى التعامل مع الأمور من مدخلها الصحيح بعيدًا عن الالتفاف أو التحايل. 
فهل يدخل الناس بيوتهم من النوافذ؟ بالطبع لا. وكذلك القضايا الفكرية والاجتماعية، لا تُحل إلا إذا طُرحت من الزاوية السليمة، وبأسلوب واضح وصريح.

المدخل الصحيح... أساس المعالجة المنطقية
في هذا المجاز، دعوة إلى المنهجية في التفكير، وإلى النزاهة في الطرح. فالإسلام لا يحب المراوغة ولا يقبل المخاتلة. 
بل يدعو إلى الصدق والوضوح في الأمور كلها ، سواء كانت شخصية أو مجتمعية. فـ"دخول البيوت من أبوابها" هو دعوة رمزية للابتعاد عن الخداع والمكر، وللسير في طريق الحق والعدل..
والا فلا احد يدخل البيت من النافذة. 

تتجلى هذه الحكمة القرآنية في القضايا الاجتماعية، حيث يُفترض أن تُدار الأمور من خلال أصحاب الحق والسلطة الشرعية. 
فمثلاً، لا يصح أن يتصرف أحد أفراد العائلة في شؤونها دون الرجوع إلى كبيرها أو وصيها الشرعي، حتى وإن كان قريبًا أو محبًا. 
فاحترام التراتبية هو جزء من احترام الحق، وهو ما يدعو إليه الإسلام في كل تفاصيل الحياة.

رسالة أخلاقية تتجاوز الزمان والمكان
إن المجاز في هذه الآية ليس مجرد تعبير بلاغي، بل هو رسالة أخلاقية عميقة، تصلح لكل زمان ومكان. 

إنها دعوة للناس أن يتحلوا بالصدق، وأن يبتعدوا عن الأساليب الملتوية، وأن يواجهوا القضايا بشجاعة ومنطق، من أبوابها لا من نوافذها.

في زمن كثرت فيه الطرق الملتوية، يظل القرآن الكريم منارة تهدي إلى السبيل القويم. فـ"وأتوا البيوت من أبوابها" ليست مجرد عبارة، بل هي مبدأ حياة، يدعو إلى الوضوح، والاحترام، والعدل. 
فهل نعي هذه الرسالة ونطبقها في واقعنا؟